وتقطعت أوصالها على صعيد كربلا ، وحملت ودائع النبوة وكرائم الوحي سبايا تطوف بها ارذال العرب واجلافهم من بلد إلى بلد ، ولما انتهيت سبايا آل النبي (ص) الى يثرب يلتفت عمرو بن سعيد عامل يزيد عليها وهو جذلان مسرور الى قبر رسول الله (ص) فيخاطب جدثه الطاهر ويقول له :
« يوم بيوم بدر يا رسول الله. » (١)
ثم رقى منبر النبي ، وخاطب المسلمين فقال : ـ ويا لهول ما قال ـ « أيها الناس. إنها لدمة بلدمة ، وصدمة بصدمة ، كم خطبة بعد خطبة ، حكمة بالغة فما تغني النذر. »
وقبله قال يزيد :
لست من خندف إن
لم انتقم |
|
من بني أحمد ما
كان فعل |
هذا هو اختيار قريش الذي وفقت فيه ـ كما يقولون ـ قد اوجب هضم العترة الطاهرة التي هي عديلة القرآن الكريم في لزوم مراعاتها والاحتفاء بها ، فانا لله وإنا إليه راجعون
ـ ٤ ـ
وقد نظرنا الى الحوادث ـ التي جرت في عصر الامام أبي محمد (ع) ـ نظرة امعان وتدبر ، فان التاريخ ـ كما ذكرنا ـ قد خلط بالموضوعات حتى اصبح من العسير أن يخلص المؤرخ إلى الحق في أيسر الأمور ، وقد استلخصنا من تلكم الحوادث كثيرا من الجوانب التي لها صلة في الكشف عن حياة الامام (ع) وبتصوير العصر الذي نشأ فيه.
وقد نشر هذا الكتاب قبل احدى عشرة سنة ، ونفذت نسخه ، ولم
__________________
(١) شرح النهج لابن ابي الحديد ١ / ٣٦١.