« يا عبد الرحمن .. أما والله لقد تركته ، وانه من الذين يقضون بالحق ، وبه كانوا يعدلون .. »
وخرج المقداد ، وهو مثقل الخطا ويقول :
« تالله ما رأيت مثل ما أتى الى أهل هذا البيت بعد نبيهم!! واعجبا لقريش!! لقد تركت رجلا ما اقول ولا أعلم أن أحدا أقضى بالعدل ولا اعلم ولا اتقى منه أما لو أجد أعوانا .. »
وقطع عليه عبد الرحمن كلامه فقال له :
« اتق الله يا مقداد ، فاني خائف عليك الفتنة .. » (١)
واشرف الامام الحسن على الانتخاب فراعه ما رأى من انقياد القوم نحو الاغراض الشخصية ، والمطامع ، واستبان له أن المهاجرين من قريش يحملون في نفوسهم حقدا وضغنا على أبيه ، وان الدين لعق على ألسنتهم يحوطونه حيث ما درّت معايشهم ، وقد تركت تلكم الصور التي اجتازت عليه في نفسه أشد الاستياء والتذمر ، وعرفته ان القوم يسيرون وراء مصالحهم وأطماعهم ، ولا شأن لهم بالمصلحة العامة ، وهنا نودع الامام الحسن لنلتقي معه في عهد الخليفة الثالث.
__________________
(١) شرح النهج لابن ابي الحديد ١ / ١٩٤