عامر بن عبد الله التميمي الزاهد العابد وعاب عليه سياسته كما عاب على عثمان فقد روى الطبري : انه اجتمع ناس من المسلمين فتذاكروا أعمال عثمان ، وما صنع فاجتمع رأيهم أن يبعثوا إليه رجلا يكلمه ويخبره باحداثه فارسلوا إليه عامر بن عبد الله ، ولما التقى به قال له :
« إن ناسا من المسلمين اجتمعوا فنظروا في اعمالك فوجدوك قد ركبت امورا عظاما ، فاتق الله عز وجل وتب إليه ، وانزع عنها. »
فاحتقره عثمان وقد لسعه قوله فقال لمن حوله :
« انظروا الى هذا فان الناس يزعمون انه قارة ثم هو يجيء فيكلمنى في المحقرات ، فو الله ما يدري أين الله؟. »
فقال له عامر : أنا لا أدري اين الله؟
ـ نعم
ـ اني لأدرى أن الله بالمرصاد
وارسل عثمان الى مستشاريه وعماله فعرض عليهم الامر فأشار عليه عبد الله بن عامر فقال له :
« رأيي لك ، يا أمير المؤمنين ان تأمرهم بجهاد يشغلهم عنك ، وان تجمهرهم فى المغازي حتى يذلوا لك ، فلا يكون همة احدهم إلا نفسه وما هو فيه من دبر دابته وقمل فروته .. »
واشار عليه آخرون بغير ذلك إلا انه استجاب الى رأى عبد الله فرد عماله ، وأمرهم بالتضييق على من قبلهم ، وأمرهم بتجمير الناس في البعوث ، كما عزم على تحريم اعطياتهم ليطيعوه ، ويحتاجوا إليه. (١)
ولما وصل عبد الله بن عامر الى البصرة عمد الى التنكيل بعامر بن
__________________
(١) تأريخ الطبري ٥ / ٩٤ ، تاريخ ابن خلدون ٢ / ٣٩