النبي : هكذا انزلت علي فشك عبد الله ، وقال : لئن كان محمد صادقا لقد اوحي الي كما اوحى إليه ، وإن كان كاذبا لقد قلت كما قال : فارتد عن الاسلام ولحق بالمشركين (١)
أمثل هذا المرتد الذي سخر بالنبي ورجع عن حظيرة الاسلام يكون واليا على المسلمين وتسلم له قيادتهم ، ويكون مؤتمنا على أموالهم ، ودمائهم إن ذلك والله هو الرزء القاصم الذي يذيب لفائف القلوب ، وتذوب النفوس من هوله اسى وحسرات ، أتعطي امارة المسلمين ، وتمنح اقطارهم وامصارهم الى اعداء الاسلام وخصومه الذين لم يألوا جهدا في البغى على الاسلام والكيد له فانا لله وإنا إليه راجعون.
وعلى اي حال فقد مكث الرجل واليا على مصر سنين ، وكلف المصريين فوق ما يطيقون ، وساسهم سياسة عنف وجور ، واظهر الكبرياء والغطرسة ، فضجر الناس منه ، وسئموا حكمه فخف أخيارهم يشكونه الى عثمان فبعث إليه رسالة يتهدده فيها ، ويتوعده بالعزل ان لم يئوب الى الرشاد ولكنه ابى أن ينزع عما نهاه ، ونكل بمن شكاه الى عثمان حتى قتله فخرج سبع مائة رجل من مصر الى يثرب فنزلوا الجامع ، وشكوا الى اصحاب النبيّ ما صنع بهم ابن ابي سرح ، فانبرى طلحة الى عثمان فكلمه بكلام شديد ، وأرسلت إليه عائشة ان ينصف القوم من عاملهم ، ودخل عليه أمير المؤمنين فقال له :
« إنما يسألك القوم رجلا مكان رجل ، وقد ادعوا قبله دما فأعزله عنهم ، واقض بينهم ، فان وجب عليه حق فانصفهم منه ».
فاستجاب لذلك ، وقال لهم : اختاروا رجلا اوليه عليكم مكانه ،
__________________
(١) تفسير الرازي ٤ / ٩٦ تفسير الخازن ٢ / ٣٧ الكشاف ١ / ٤٦١