التي منحته بعطفها وحنانها ، وآمنت به قبل غيرها ، ورصدت جميع أموالها وامكانياتها لتقويم دعائم الاسلام وتشييد دعوته حتى نفذ جميع ما عندها من الثراء العريض ، ولم ينس الرسول (ص) تلك اليد البيضاء التي اسدتها على الاسلام فقد قابلها بالشكر الجزيل والثناء العاطر ، فكان بعد موتها دوما يترحم عليها ويذكر وفاءها واحسانها حتى وجدت عليها عائشة ، وانطلقت تقول له :
« ما تذكر من عجوز حمراء الشدقين (١) قد أبدلك الله خيرا منها » فغضب النبي (ص) من هذا التوهين فقال لها :
« ما أبدلني الله خيرا منها آمنت بي حين كذبني الناس ، وواستني بما لها حين حرمني الناس ، ورزقت منها الولد وحرمته من غيرها .. » (٢)
__________________
من رد عليه وتكذيب له مما يحزنه إلاّ خففت عنه وهونت عليه امر الناس وصدقته ، ولعظم جهادها في الاسلام بشرها رسول الله ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب ، وكان جبرئيل يحمل لها السلام من الله ، وقال (ص) في حقها : « خير نساء العالمين اربع : مريم ابنة عمران ، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون ، وخديجة ابنة خويلد وفاطمة بنت محمد » وما فتئ رسول الله (ص) يذكرها حتى انه إذا ذبح شاة يتتبع رفيقات خديجة فيهدي لهن من لحمها ، وقد توفيت قبل الهجرة بثلاث سنين وقيل إنها توفيت بعد موت ابي طالب بثلاثة ايام فتتابعت على رسول الله (ص) المصائب بعد فقده لهما. توفيت فى رمضان وكان عمرها خمسا وستين سنة ودفنت بالحجون ، جاء ذلك فى اسد الغابة والاصابة والاستيعاب.
(١) الشدقين : مفرده شدق ـ بالكسر والفتح ـ جانب الفم.
(٢) اسعاف الراغبين المطبوع على هامش نور الابصار ص ٩٦ ، وروى ما يقرب من ذلك في مسند احمد ٦ / ١٥٠ والاستيعاب واسد الغابة والاصابة فى ترجمة خديجة ، وسنن ابن ماجة في باب الغيرة من ابواب النكاح.