وأنطلق أبو الأسود الى ابن حنيف فأخبره بنية القوم ، واصرارهم على الحرب فجمع أصحابه فخطب فيهم فقال في خطابه :
« أيها الناس ، إنما بايعتم الله ، يد الله فوق أيديهم ، فمن نكث فانما ينكث على نفسه ، ومن أو فى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه الله أجرا عظيما ، والله لو علم علي أحدا احق بهذا الامر منه ما قبله ، ولو بايع الناس غيره لبايع وأطاع وما به الى أحد من صحابة رسول الله حاجة ، وما باحد عنه غنى ولقد شاركهم في محاسنهم وما شاركوه في محاسنه ولقد بايع هذان الرجلان وما يريدان الله ، فاستعجلا الفطام قبل الرضاع. والرضاع قبل الولادة والولادة قبل الحمل ، وطلبا ثواب الله من العباد ، وقد زعما أنهما بايعا مستكرهين فان كانا استكرها قبل بيعتها وكانا رجلين من عرض قريش لهما أن يقولا ولا يأمرا ، إلا وان الهدى ما كانت عليه العامة ، والعامة على بيعة على. فما ترون أيها الناس؟ »
وانبرى إليه حكيم بن جبلة فخاطبه بمنطق الايمان قائلا.
« نرى إن دخلا علينا قاتلناهما ، وإن وقفا تلقيناهما ، والله ما أبالي أن أقاتلهما وحدي ، وإن كنت أحب الحياة ، وما أخشى في طريق الحق وحشة ، ولا غيرة ولا غشا ولا سوء منقلب الى بعث وانها لدعوة قتيلها شهيد وحيها فائز ، والتعجيل الى الله قبل الأجر خير من التأخير في الدنيا ، وهذه ربيعة معك .. » (١)
وصمم القوم بذلك على رد العدوان ، ومقابلتهم بالمثل إن اعتدوا عليهم ، وعدم التعرض لهم إن لم يبدؤهم بقتال.
__________________
(١) الامامة والسياسة ١ / ٦٤ ـ ٦٥