ونطق الاشعرى بصوت واهن ضعيف
ـ أجلني هذه العشية.
ـ هي لك ، ولا تبيتن فى القصر الليلة ..
ودخلت الجماهير تنهب امتعته وأمواله ، ولكن الاشتر لم يتنكر لعدوه المهزوم فقد وقف معه موقف الكريم النبيل فحال وبين الجماهير وبين ما ابتغوه من نهبه والتنكيل به ، فقال لهم :
« إني أجلته الليلة وقد أخرجته فكفوا عنه. »
فكف الناس عنه ، وفى الصباح خرج الباغي الأثيم وهو يجر سرابيل الخزي والخيانة ، وقد صفا الجو للامام الحسن ، واقبل يتحدث الى الناس بالخروج قائلا :
« أيها الناس. إني غاد ، فمن شاء منكم أن يخرج معي على الظهر (١) ومن شاء فليخرج في الماء .. »
واستجابت الجماهير لدعوة الامام فلما رأى ذلك قيس بن سعد غمرته الافراح والمسرات وأنشأ يقول :
جزى الله اهل
الكوفة اليوم نصرة |
|
أجابوا ولم
يأبوا بخذلان من خذل |
وقالوا! علي خير
حاف وناعل |
|
رضينا من ناقضي
العهد من بدل |
هما أبرزا زوج
النبي تعمدا |
|
يسوق بها الحادى
المنيخ على جمل |
فما هكذا كانت
وصاة نبيكم |
|
وما هكذا
الإنصاف اعظم بذا المثل |
فهل بعد هذا من
مقال لقائل |
|
ألا قبح الله
الاماني والعلل (٢) |
وعجت الكوفة بالنفار فقد نزحت منها آلاف كثيرة ، فريق منها
__________________
(١) اي على الدواب
(٢) الغدير ٢ / ٧٦