النفوس فقال له : « حط يا وردان ، ثم قال له : ارحل ، ثم قال له حط يا وردان ».
فعرف غلامه حيرته وذهوله فقال له :
ـ خلطت أبا عبد الله؟! أما إن شئت أنبأتك بما فى نفسك؟
ـ هات ويحك!!
ـ اعتركت الدنيا والآخرة على قلبك ، فقلت : على معه الآخرة فى غير دنيا ، وفى الآخرة عوض من الدنيا. ومعاوية معه الدنيا بغير آخرة وليس في الدنيا عوض الآخرة فانت واقف بينهما.
ـ إنك والله ما أخطأت!! ما ترى؟
ـ أرى أن تقيم في بيتك فان ظهر أهل الدين عشت في عفو دينهم وإن ظهر أهل الدنيا لم يستغنوا عنك.
ولم يستجب لنصحه وصمم على الالتحاق بمعاوية وهو يقول :
يا قاتل الله
وردانا وفطنته |
|
أبدى لعمرك ما
فى النفس وردان |
لما تعرضت
الدنيا عرضت لها |
|
بحرص نفسى وفي
الاطباع ادهان |
نفس تعف واخرى
الحرص يغلبها |
|
والمرء يأكل
تبنا وهو غرثان (١) |
أما علي فدين
ليس يشركه |
|
دنيا وذاك له
دنيا وسلطان |
فاخترت من طمعي
دنيا علي بصر |
|
وما معي بالذي
اختار برهان |
اني لاعرف ما
فيها وأبصره |
|
وفي أيضا لما
أهواه الوان |
لكن نفسي تحب
العيش في شرف |
|
وليس يرضى بذل
العيش انسان |
عمرو لعمر أبيه
غير مشتبه |
|
والمرء يعطس
والوسنان وسنان |
لقد استجاب لعاطفته فآثر الدنيا على الآخرة ، وعزم على الالتحاق
__________________
(١) الغرثان : الجائع.