وهي دعوة حق لو وعاها ابن هند واستجاب لها لحقن دماء المسلمين وجمع كلمتهم ولكنه آثر مصالحه على ذلك فقال لعدى :
« كأنك إنما جئت متهددا ولم تأت مصلحا. هيهات يا عدي. كلا والله لابن حرب ما يقعقع لي بالشنان (١) أما والله إنك لمن المجلبين على ابن عفان ، وانك لممن قتلته ، وإني لارجو أن تكون ممن يقتله الله. هيهات يا عدى قد حلبت بالساعد الاشد .. »
لقد اظهر له الغي والتمرد والإيثار للحرب وذلك لما يتمتع به من القوى العسكرية والقدرة على مناجزة الامام وتكلم معه يزيد بن قيس فقال له :
« إنا لم نأتك الا لنبلغك ما بعثنا به إليك ، ولنؤدى عنك ما سمعنا منك ، لن ندع أن ننصح لك ، وأن نذكر ما ظننا أن لنا به عليك حجة او أنه راجع بك الى الالفة والجماعة. إن صاحبنا لمن قد عرفت وعرف المسلمون فضله ، ولا أظنه يخفى عليك : إن أهل الدين والفضل لن يعدلوك بعلي ولن يميلوا بينك وبينه (٢) فاتق الله يا معاوية ، ولا تخالف عليا ، فانا والله ما رأينا رجلا قط اعمل بالتقوى ، ولا ازهد في الدنيا ، ولا أجمع لخصال الخير كلها منه .. »
إن معاوية يعلم فضل أمير المؤمنين ولكن احقاده واطماعه يحولان بينه وبين الحق فآثر حربه ومناجزته فاجاب القوم قائلا :
« أما بعد : فانكم دعوتم الى الطاعة والجماعة. فأما الجماعة التي
__________________
(١) الشنان : جمع شن ، وهو القربة الخلق فقد كانوا يحركونها اذا ارادوا حث الابل على المسير.
(٢) التمييل بين الشيئين الترجيح بينهما.