« لنرجع نحن وأنتم إلى أمر الله عز وجل في كتابه ، تبعثون منكم رجلا ترضون به ونبعث منا رجلا ، ثم نأخذ عليهما أن يعملا بما في كتاب الله لا يعدوانه ، ثم نتبع ما اتفقا عليه. »
وانبرى مصدقا لمقالة معاوية :
« هذا هو الحق. »
وأغلب الظن ان معاوية مناه وارشاه لأنه كان يعلم بانحرافه عن أمير المؤمنين ، وقد استجاب لدعوته وقفل راجعا الى الامام وهو ينادي بالتحكيم ، فقال الامام (ع) له ولغيره من المعاندين الذين لا يجدون لذة سوى العناد والتمرد :
« عباد الله ، إني أحق من أجاب إلى كتاب الله ، ولكن معاوية وعمرو بن العاص وابن أبي معيط وحبيب بن مسلمة وابن أبي سرح ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن ، إني أعرف بهم منكم ، صحبتهم أطفالا وصحبتهم رجالا فكانوا شر أطفال وشر رجال ، إنها كلمة حق يراد بها باطل. إنهم يعرفونها ولا يعملون بها ، وما رفعوها لكم إلا خديعة ومكيدة ، اعيروني سواعدكم وجماجمكم ساعة واحدة ، فقد بلغ الحق مقطعه ، ولم يبق إلا أن يقطع دابر الذين ظلموا. ».
لقد اعرب (ع) في كلامه كذب ما يدعيه معاويه من الانقياد إلى كتاب الله ، وأبان لهم عن غيهم وتمردهم عن الدين فهو أدرى بهم من غيره ، ولكن ذلك المجتمع الهزيل لم يذعن لكلام الامام واعار حديثه أذنا صماء ، فقد انبرى إليه زهاء أثنى عشر الفا من الذين يظهرون القداسة والدين وهم لا يفهمون منهما شيئا فخاطبوه باسمه الصريح منذرين ومتوعدين إن لم يخضع لما يرومونه قائلين :