من الناس انهما آمنان على انفسهما وأهلهما ، والامة لهما انصار على الذي يتقاضيان عليه وعلى المؤمنين والمسلمين من الطائفتين كلتيهما عهد الله وميثاقه ، إنا على ما في هذه الصحيفة وان قد وجبت قضيتهما على المؤمنين فان الامن والاستقامة ووضع السلاح بينهم أينما ساروا على أنفسهم وأهليهم وأموالهم وشاهدهم وغائبهم ، وعلى عبد الله بن قيس وعمرو بن العاص عهد الله وميثاقه أن يحكما بين هذه الأمة ولا يرداها في حرب ولا فرقة حتى يعصيا ، وأجل القضاء الى رمضان ، وإن أحبا أن يؤخرا ذلك أخراه على تراض منهما وإن توفي أحد الحكمين فان أمير الشيعة يختار مكانه ولا يألو من أهل المعدلة والقسط ، وإن مكان قضيتهما الذي يقضيان فيه مكان عدل بين أهل الكوفة وأهل الشام وإن رضيا وأحبا فلا يحضرهما فيه إلا من أرادا ويأخذ الحكمان من ارادا من الشهود ثم يكتبان شهادتهما على ما في هذه الصحيفة وهم انصار على من ترك ما في هذه الصحيفة وأراد فيه إلحادا وظلما ، اللهم إنا نستنصرك على من ترك ما في هذه الصحيفة » (١)
وسجل فريق من زعماء العراق والشام شهادتهم في هذه الوثيقة ، وتدل بنصها الصريح على عدم اهتمام معاوية وحزبه بدم عثمان ولو كان لهم إرب في ذلك لجاء ذكر قتله فيها صريحا أو ضمنا.
لقد أقاموا الدنيا وأقعدوها من أجل عثمان فنشروا ثيابه على منبر دمشق ، وهم يبكون على مصابه وأثاروا هذه الحرب من أجل المطالبة بدمه ، فما بالهم لم يتعرضوا له في وثيقة التحكيم ، ولم يذكروه بقليل ولا كثير.
وعلى أي حال فقد حفلت هذه الصحيفة بتحقيق رغبات الاشعث
__________________
(١) تاريخ الطبري ج ٦ ص ٣٠