فيه الاجتماع.
وأقبلت الساعة الرهيبة التي تغير فيها مجرى التأريخ ، فاجتمعت الجماهير لتأخذ النتيجة الحاسمة من هذا التحكيم المنتظر بفارغ الصبر ، فأقبل الخاتل ابن العاص مع أبي موسى المخدوع الى منصة الخطابة ليعلنا للجماهير الصورة التي اتّفقا عليها ، فالتفت ابن العاص الى أبي موسى قائلا :
ـ قم فاخطب الناس ، يا أبا موسى.
ـ قم. أنت فاخطبهم.
ـ سبحان الله أنا اتقدمك ، وأنت شيخ أصحاب رسول الله والله لا فعلت ذلك أبدا.
ـ أفي نفسك شيء؟
فزاده أيمانا مغلظة على الالتزام بالعهد الذي أعطاه له (١) وعرف ابن عباس هذه المخادعة من ابن العاص وتجلت له الحيلة التي يرومها هذا الماكر فالتفت الى الأشعري قائلا :
« ويحك والله ، إني لأظنه قد خدعك ، إن كنتما قد اتفقتما على أمر فقدمه فليتكلم بذلك الأمر قبلك ، ثم تكلم أنت بعده ، فان عمرو رجل غادر ولا آمن من أن يكون قد اعطاك الرضا فيما بينك وبينه فاذا قمت فى الناس خالفك » (٢).
فلم يلتفت الصعلوك الى كلام ابن عباس وراح يشتد كأنه الحمار نحو منصة الخطابة فلما استوى عليها ، حمد الله واثنى عليه وصلى على النبي الكريم ، ثم قال :
__________________
(١) العقد الفريد ج ٣ ص ١١٥.
(٢) تأريخ الطبرى ج ٦ ص ٣٩.