عليهالسلام بلذع السيف في رأسه صاح :
« فزت ورب الكعبة »
لقد فاز الامام ، وأى فوز اعظم من فوزه؟ فقد جاءته النهاية المحتومة وهو بين يدي الله وذكره بين شفتيه ، فى أقدس بيت ، واعظم شهر.
لقد فاز إمام الحق لأنه أرضى ضميره الحي فلم يوارب ولم يخادع منذ بداية حياته حتى النهاية ، ولقد قتل على غير مال احتجبه ولا على دنيا أصابها ولا سنة في الاسلام غيرها.
لقد فاز الامام ، وأى فوز أعظم من فوزه؟ فقد أفاض عليه الخلود لباس البقاء ليكون مظهرا للعدالة وعنوانا للحق. ومثالا للانسانية الكاملة التي ارتقت سلم الكمال حتى بلغت نهايته.
لقد فاز الامام ، وأى فوز اعظم؟ من أن يذكر قرينا للحق والعدل وتذكر مبادئه المقدسة اعجوبة لقادة الفكر الانساني يسيرون على ضوئها للعمل في حقل الاصلاح ، ولما وقع الامام صريعا في محرابه هتف معرفا بقاتله :
« قتلني ابن اليهودية عبد الرحمن بن ملجم ، فلا يفوتنكم. »
فهرع الناس الى المسجد بجميع طبقاتهم وهم معولون نادبون قد اذهلهم الخطب وروعهم المصاب وبلغ بهم الحزن الى قرار سحيق وفى مقدمتهم أولاد أمير المؤمنين ، فوجدوا الامام طريحا في محرابه وجعدة ابن هبيرة (١) وجماعة حافون به يعالجونه للصلاة وهو لا يستطيع ولما وقع نظره
__________________
(١) جعدة بن هبيرة المخزومي ابن أم هاني بنت ابي طالب له صحبة مع النبي. وقال ابن معين لم يسمع من النبيّ شيئا ، وقال العجلى : إنه تابعي ثقة ، جاء ذلك فى خلاصة تهذيب الكمال ص ٥٣ ، وجاء فى الاستيعاب : ان