وتفرقة بعضهم (١) بين الموت والفسق ـ بوجوب الإنفاذ على الأول دون الثاني وإن كان الثاني أيضا ماضيا لو طرأ الفسق بعد الإنفاذ ـ لا وجه لها ، كما صرّح به المحقّق الأردبيلي.
ثمَّ إنّ ما ذكرنا من وجوب الإنفاذ والحكم بمقتضاه إنّما هو إذا علم الحاكم الثاني بالحكم الأول ، إمّا بحضوره مجلس الحكم وسماعه الدعوى والإنكار والمرافعة والحكم ، أو ثبت ذلك عنده ثبوتا علميا بأخبار متواترة أو محفوفة بقرائن مفيدة للعلم.
وفي حكم العلم إقرار المتخاصمين ، لنفوذ إقرار العقلاء على أنفسهم.
والظاهر أنّه إجماعيّ ، ولا كلام في شيء من ذلك.
وإنّما الكلام فيما إذا لم يعلم الحاكم الثاني بالحكم الأول ، بل ظنّه بإحدى الطرق المورثة للمظنّة ، فهل يجب عليه الإمضاء ، أم لا؟ والطرق التي اختلفوا فيها ثلاثة :
الأول : مجرّد الكتابة ، بأن يكتب قاض إمّا مطلقا أو إلى خصوص حاكم آخر : أنّ فلانا حضر مجلس الحكم وادّعى على فلان وحكمت له أو عليه بالمدّعى. أو كتب : إنّي حكمت على فلان بكذا.
ولا خلاف في عدم اعتبارها لو كان المحكوم به من حقوق الله ، بل ادّعي عليه الإجماع ، لوجوب درئها بالشبهة.
ولو كان من حقوق الناس ، فالمشهور فيها أيضا ذلك ، بل قيل : بلا خلاف يوجد إلاّ من الإسكافي (٢) ، بل عن السرائر والمختلف والقواعد
__________________
(١) كما في المسالك ٢ : ٣٨١.
(٢) كما في رياض المسائل ٢ : ٤٠٨.