لم يشهدهما الحاكم الأول على حكمه في الواقعة ـ والقبول إن أشهدهما ، وهو مذهب المحقّق في النافع (١) بل قيل بعدم خلاف فيه بين الأصحاب كافّة (٢).
أمّا الأول : فلما مرّ من الأصل.
وأمّا الثاني : فلظاهر الإجماع.
ومسيس الحاجة إليه في إثبات الحقوق مع تباعد البلاد وتعذّر نقل الشهود أو تعسّره ، وعدم مساعدة شهود الفرع أيضا على التنقّل ، والشهادة الثالثة غير مسموعة.
ولأنّها لو لم تقبل لبطلت الحجج مع تطاول المدّة ، ولأدّى إلى استمرار الخصومة في الواقعة الواحدة.
ولأنّ الغريمين لو تصادقا أنّ الحاكم الأول حكم بينهما ألزمهما الثاني ما حكم به الأول إجماعا ، على الظاهر المصرّح به في بعض الكلمات ، فكذا إذا قامت البيّنة ، إذ يثبت بالشهود ما يثبت بالإقرار.
ومال المحقّق الأردبيليّ إلى القبول مطلقا ، لأنّ حكم الحاكم حجّة متّبع يجب إنفاذه والعمل بمقتضاه على أيّ طريق ثبت عند حاكم آخر ، سواء كان بإقرار الخصم أو البيّنة ، ولعدم تعقّل مدخليّة للإشهاد في اعتبارها.
أقول : إن كان هناك دليل على وجوب قبول شهادة العدلين مطلقا كما هو كذلك ، أو في خصوص المورد ، فالحقّ القبول مطلقا من غير مدخليّة للإشهاد فيه. وإن لم يكن فالحقّ عدم القبول كذلك.
__________________
(١) المختصر النافع : ٢٨٣.
(٢) المسالك ٢ : ٣٨١ قال : إنّه موضع وفاق.