وأمّا التوسّط فيما يصلحان به فيحوّله إلى ثالث (١) ، ولعلّه مخافة أن يتحشّما أو أحدهما من القاضي فيقع الصلح من غير رضاء.
وأمّا في الثالث ، فإن أعلم الحاكم المدّعي بالثبوت أو المنكر بالسقوط فكالأخير ، ويأتي حكمه.
وإلاّ ، فإن طلب منه بتخيّر الحكم أو علم مطالبته بشاهد الحال فالظاهر عدم الجواز ، لمنافاته للفوريّة الثابتة من مطالبة التخيّر.
وإلاّ ، فإن علم أنّه لو أظهر الحكم لم يرض من له الحكم بالصلح فلا يجوز أيضا ، لكونه تدليسا وخيانة. وإن لم يعلم بذلك فلا يبعد الجواز ، للأصل. بل الاستحباب ، للعمومات المتقدّمة ، ويدلّ عليه أيضا حديث قضاء عليّ عليهالسلام بين صاحبي الأرغفة الثمانية المرويّ في الكافي والفقيه والتهذيب (٢).
وقال والدي العلاّمة في المعتمد بعدم الجواز مع جهل صاحب الحقّ بعلم الحاكم بالحقّ مطلقا.
ثمَّ لو ارتكب القاضي المحرّم وأمر بالصلح أو رغّب فيه فيما يحرم ورضى به ، فقال والدي العلاّمة رحمهالله بصحّة الصلح ، لعدم تعلّق النهي به ، بل بأمر الحاكم. نعم ، له خيار الفسخ بعد علمه به.
وأمّا في الأخير ، فالاستحباب غير واضح ، لأنّه حقيقة ليس ترغيبا في الصلح ، لأنّ الظاهر منه هو ما يكون قبل ثبوت الحقّ لإسقاط اليمين أو رفع تجشّم الإثبات ، بل هو ترغيب لأحدهما بإسقاط الحقّ أو بذل المال لغير
__________________
(١) الكافي في الفقه : ٤٤٧.
(٢) الكافي ٧ : ٤٢٧ ـ ١٠ ، الفقيه ٣ : ٢٣ ـ ٦٤ ، التهذيب ٦ : ٢٩٠ ـ ٨٠٥ الوسائل ٢٧ : ٢٨٥ أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى ب ٢١ ح ٥.