ويحمل الترديد في التعريف ـ كما في النافع والشرائع (١) وغيرهما (٢) ـ على الاختلاف في تقديم الأصل أو الظاهر عند تعارضهما.
[ ففي ] (٣) كلّ موضع يقدّم الأصل يجعل المدّعي من يدّعي خلافه.
وفي كلّ موضع يقدّم الظاهر يجعل من يدّعي خلاف الظاهر.
وفي كلّ موضع تساويا في الظهور والخفاء ومخالفة الأصل وموافقته ـ كما لو ادّعى كلّ منهما عينا في يدهما جميعا ـ يرجع إلى التداعي ، لكون كلّ منهما مدّع من جهة ، ومدّعى عليه من اخرى.
ولا يخفى أنّ هذا أيضا يرجع إلى التفسير الأول ، لأن الظاهر الثابت تقديمه شرعا على الأصل هو الأصل بالمعنى الذي ذكرناه ، ومع ذلك لا يلائم تعريفه بمن يدّعي خلاف الظاهر خاصّة.
وقد يقوى تعريفه بمدّعي خلاف الظاهر بتعلّق اليمين في بعض الموارد على من معه الظاهر ، فمقابله يكون مدّعيا.
وفيه : أنّه كلّ ما كان كذلك فإنّما هو في موضع يكون الظاهر حجّة شرعا ، فيكون أصلا ولو سلّم عدم حجيّته في بعض المواضع ، فيكون تعلّق اليمين ثابتا بدليل خارج ، كما في اليمين المردودة وجزء البيّنة والاستظهاريّة. وليس في مطلق تعلّق اليمين دلالة على كون مخالفه مدّعيا.
وقد يقوى أيضا بأنّ جعل البيّنة على المدّعي قرينة على أنّه الطرف الأضعف ، والمنكر هو الطرف الأقوى ، ولذا جعلت عليه اليمين ، ومن معه
__________________
(١) المختصر النافع : ٢٨٤ ، الشرائع ٤ : ١٠٦.
(٢) كالمسالك ٢ : ٣٨٧ ، الرياض ٢ : ٤١٠.
(٣) في « ح » و « ق » : في ، والأنسب ما أثبتناه.