بما إذا صدرت ممّن اجتمعت فيه الشرائط ، التي منها التكليف ، مضافا إلى تضمّن الدعوى أمورا تتوقّف على التكليف ، كإقامة البيّنة ونحوها (١).
ولا يخلوعن نظر ، لمنع التبادر المذكور من مثل قوله ( كُونُوا قَوّامِينَ بِالْقِسْطِ ) (٢) وقوله ( فَاحْكُمْ بَيْنَ النّاسِ بِالْحَقِّ ) (٣) ونحوهما (٤) ، بل مثل قوله عليهالسلام : « البيّنة على المدّعي » (٥) ، لأنّ ذلك حكم وضعيّ لا تكليفي. ومنع توقّف ما ذكر على التكليف ، ولو سلّم فينتقل الكلام في دعوى لا تتوقّف على ذلك ، فالمناط : الإجماع.
مضافا إلى تضمّن الدعوى كثيرا تصرّفات ماليّة ـ كإحلاف أو إقرار ـ لا تجوز منهما ، إلاّ أنّ مقتضاهما الاقتصار في عدم السماع بما يثبت فيه الإجماع ، أو ما أوجب تصرّفا ماليّا منه.
فلو جاء يتيم لا وليّ له إلى حاكم وادّعى : أنّ فلانا فقأ عيني أو قتل أبي أو نزع ثوبي ويريد الفرار ولي بذلك شهود فاسمع شهودي وخذ بحقّي ، ولا يمكن الأخذ بعد فراره ، فليس فيه تصرّف ماليّ له ، وتحقّق الإجماع على عدم السماع فيه غير معلوم.
نعم ، يمكن القول بعدم جواز إحلافه ولا قبول حلفه لو ردّ إليه حينئذ ، بل الحاكم يحلّف المنكر من جهة ولايته لو ظنّ صدق الصغير ، فتأمّل.
وزاد المحقّق الأردبيليّ رحمهالله ووالدي العلاّمة ـ طاب ثراه ـ وبعض
__________________
(١) انظر الرياض ٢ : ٤١٠.
(٢) النساء : ١٣٥.
(٣) سورة ص : ٢٦.
(٤) المائدة : ٨ ، ٤٢.
(٥) الوسائل ٢٧ : ٢٣٣ أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى ب ٣.