وقد أنزل سبحانه وأراه أنّ البيّنة على المدّعي (١) ، والأصل عدم نزول غيره من ردّ الدعوى وعدم سماعها.
ومقتضى الأمر بالمحاكمة بينهم هو التحاكم ورفع النزاع مطلقا ، فالمناط في جانب النفي هو الإجماع ، فيقتصر فيه على الثابت فيه الإجماع ، وهو المدّعي عن الغير بلا ولاية ولا وكالة ولا إذن صريح أو بالفحوى أو شاهد الحال ، فلو ادّعى بأحد هذه الوجوه تسمع الدعوى ، ويحكم بما تقتضيه الشريعة.
وأمّا ما على الحاكم بعد السماع وما يجوز للمدّعي بعد الدعوى فهو أمر آخر ، إذ تختلف آثار الدعوى في الموارد ، فإنّه ليس على الوكيل والوصيّ الحلف ولا ردّ اليمين بدون التوكيل فيه للوكيل أو المصلحة للولي ، ولا ينفذ إقرار الوكيل ، ولا يجوز له الأخذ بدون التوكيل فيه.
والحاصل : أنّ المراد هنا بيان شرائط صحّة الدعوى وسماعها ، وأمّا لوازمها وآثارها فيذكر كلّ منهما في موضعه.
ثمَّ بما ذكرنا ـ من الاقتصار في النفي بموضع الإجماع ـ يعلم عدم توقّف سماع دعوى الوكيل على ثبوت وكالته ، كما هو ظاهر التحرير في بحث جواب المدّعى عليه أنّ ما في يده ليس له وأنّه لغائب ، قال : ولو أقام ذو اليد البيّنة للغائب لم يقض بها للغائب ، ولو ادّعى وكالة الغائب كان له إقامة البيّنة عن الغائب (٢).
وظاهر المحقّق الأردبيليّ وبعض الفضلاء المعاصرين التوقّف ، حيث قيّدا السماع بالثبوت (٣).
__________________
(١) الوسائل ٢٧ : ٢٣٣ أبواب كيفية الحكم واحكام الدعوى ب ٣.
(٢) التحرير ٢ : ١٩٠.
(٣) غنائم الأيام : ٦٧٧.