أريد إقامة البيّنة وصدور الحكم. لم يجب السماع ، ولو سمع وأقيمت البيّنة ، أو أقرّ عنده ، لم يجب الحكم ، بل لا يجوز من باب القضاء ، لظهور الدعوى فيما كان فيه مخاصمة ، ولاختصاص أدلّة وجوب القضاء ونفوذه وظهورها فيما كان كذلك ، فلا يكون ذلك قضاء شرعيّا نافذا ، ولا تترتّب عليه آثاره من عدم جواز النقض لو وقع التخاصم بعد ذلك.
نعم ، يكون الحاكم شاهد أصل إن سمع الاعتراف ، أو فرع واحد إن أقيمت عنده البيّنة.
ولذا صرّح الفاضل في التحرير في بحث القضاء على الغائب بأنّه لا بدّ أن يدّعي جحود الغائب ، فلو أقرّ أنّه معترف لم تسمع بيّنته إلاّ لأخذ المال ، ولو لم يتعرّض لجحوده احتمل السماع وعدمه (١). انتهى.
وقوله : لأخذ المال ، يعني : أنّه إذا ادّعى عدم أدائه المال أو تأخيره وتضرّره بالتأخير وأراد أخذه جاز سماع دعواه وبيّنته لذلك ، فإنّ ذلك خصومة ونزاع.
واحتمل السماع مع عدم التعرّض للجحود لظهور طلب الحكم وإرادة إقامة البيّنة في ذلك.
وعلى هذا ، فلا يجوز القضاء فيما ليس فيه طرف دعوى موجود ، كما إذا وقف أحد ضيعة بطريق مختلف فيه عند الفقهاء ، وأراد سدّ دعوى سائر البطون بإصدار الحكم باللزوم والصحّة عن فقيه دفعا لادّعاء بعض البطون اللاّحقة ، لم يؤثّر الحكم في ذلك.
وكذا إذا أوصى إلى غير عادل ، وأراد سدّ دعوى الورثة بطلب الحكم
__________________
(١) التحرير ٢ : ١٨٧.