تكون نوع إعانة على الإثم. وإن ضمّ معها البيّنة فهي بنفسها كافية ، إلاّ أن يفرض كون الكتاب قرينة موجبة لحصول العلم بضمّ خبر عدل أو فسّاق ، أو [ وقّف ] (١) المقتدر الإيصال بالكتاب.
ثمَّ إنّه إذا لم تجب الكتابة وطلبها المدّعي وأجابه الحاكم استحبابا فله أخذ الأجرة عليها وثمن القرطاس والمداد ، ومتى وجبت لم يجز له أخذ الأجرة ، لعدم جوازه في الواجبات العينيّة ولا الكفائيّة ، كما مضى في كتاب التجارة ، بل لا يجوز له طلب ثمن القرطاس ونحوه أيضا.
ومن القائلين بوجوب الكتابة إذا توقّف أثر الحكم عليها من لم يجوّز الأجرة على الكتابة ، وجوّز أخذ نحو القرطاس.
وهو غير جيّد ، لأن إعداد ما تتوقّف عليه الكتابة الواجبة أيضا يكون كأصل الكتابة ممّا يتوقّف عليه الواجب ، فيكون إعداده واجبا عليه لو لم يؤدّه المدّعي ، فإن أراد جواز الأخذ منه لو أعطاه فهو كذلك ، لأنّه أيضا نوع إعداد ، وإن أراد أنه يجوز إيقاف الكتابة على أخذه منه فلا.
ثمَّ إذا كتب الكتاب ينبغي ـ بل يلزم عليه ـ أن يكتبه على نحو يخصّص المدّعي والغريم ويميّزهما عن غيرهما ، بحيث لا يقبل الاشتباه ، ويأمن عن التزوير ، سواء حصل ذلك المقصود بكتابة النسب أو الحلية (٢) أو هما معا.
والخلاف في هذا المقام في أنّه هل يكفي الأول أو الثاني ونحو ذلك لا وجه له ، إذ ليس ذلك منوطا بدليل شرعي ، وإنّما المقصود رفع الاشتباه والأمن من التزوير ، وقد يحصل التزوير بالاكتفاء بالنسب ، كما قد يحصل بالاكتفاء بالحلية ، ولا بدّ في النسب أيضا إلى ذكره بقدر لا يقبل اللبس عادة ، فقد يتعدّد زيد بن عمرو بن بكر الأصفهاني مثلا.
__________________
(١) في « ح » و « ق » : توقّف ، والأنسب ما أثبتناه.
(٢) الحلية : بمعنى الصفة ـ مجمع البحرين ١ : ١٠٥.