جنس الحقّ ، وبيعه وإعطاؤه الثمن إن لم يكن من جنسه ، أم لا؟
وإذا جاز فهل هو مقدّم على العقوبة ـ يعني : أنّ العقوبة إنّما تكون إذا لم يمكن إعطاء المال ، أو بيعه ـ أو مخيّر بينهما ، أو يتأخّر فيعاقب ، فإن أبى مع العقوبة أيضا يعطي أو يبيع؟
لم يحضرني الآن تصريح بذلك من الأصحاب ، إلاّ ما ذكره بعض الأجلّة في شرحه على القواعد ، حيث قال : وإن عرف كذبه في دعوى الإعسار حبس حتى يخرج من الحقّ بنفسه ، أو يباع عليه ماله ويعطى صاحب الحق (١). انتهى.
فإن كان قوله : « يباع » عطفا على « حبس » يكون تخييرا بين الحبس والبيع ، وإن كان عطفا على « يخرج » يكون حكما بتأخير البيع عن العقوبة.
وقال بعض الفضلاء المعاصرين : ثمَّ إن كان المقرّ واجدا للمال فيلزم بإعطائه ولو بحبس الحاكم وإغلاظ القول ، أو بأن يبيع ماله في أداء دينه لو لم يمكن الاستيفاء إلاّ بذلك (٢). انتهى.
فإن كان قوله : « بذلك » إشارة إلى الحبس والبيع معا يكون قولا بالتخيير ، وإن كان إشارة إلى البيع يكون قولا بتأخير البيع عن الحبس.
أقول : كما أنّ العقوبة مخالفة للأصل لا ترتكب إلاّ مع الدليل ، فكذلك إعطاء ماله أو بيعه ، لأنّ تمييز ما في ذمّة شخص من بين أمواله بيده وبيع غير المالك لا يجوز ، والدليل على حلّيّة العقوبة موجود كما مرّ ، ولا دليل على الإعطاء والبيع إلاّ كونه ممّا يتوقّف عليه إيصال الحقّ الواجب ، وهو ـ قبل اليأس بالعقوبة المنصوص جوازها ـ ممنوع ، فلا يجوز
__________________
(١) انظر كشف اللثام ٢ : ٣٣٦.
(٢) غنائم الأيام : ٦٧٩.