ولتصريح المرسلتين المتقدّمتين بوجوب اليمين عليه.
وهل للمنكر استردادها وحلفه بنفسه؟
فإن كان بعد حلف المدّعي فليس ذلك له ، بلا إشكال وخلاف ، وعن المسالك الإجماع عليه (١) ، ولثبوت الحقّ على المنكر بحلفه بمقتضى الأخبار المتقدّمة فيجب على الحاكم الحكم به ، ولا يسقط الحقّ الثابت باليمين. وإن كان قبل حلفه ، فعن الشيخ ـ كما في الدروس (٢) وغيره (٣) ـ أنّه أيضا كذلك إذا لم يرض به المدّعي ، وهو الأصحّ ، لأنّ كلاّ من الحلف والردّ والاسترداد أمور شرعيّة موقوفة على التوقيف ، ولا توقيف هنا.
فإن قيل : جاز للمنكر الحلف قبل الردّ فيستصحب.
قلنا : يعارضه جوازه للمدّعي أيضا بعد الردّ فيستصحب ، ولا يمكن استصحابهما معا ، لعدم إمكان اجتماع الحلفين.
فإن قيل : يمكن أن يكون جوازه للمدّعي مقيّدا بعدم الاسترداد.
قلنا : يعارضه إمكان تقييد جوازه للمنكر أيضا بعدم الردّ ، مع أنّ المصرّح به في الأخبار ـ كما مرّ ـ وجوبه على المدّعي ، وذلك يستلزم سقوطه عن المنكر حال وجوبه عليه ، لعدم إمكان بقائهما معا ، فلا يبقى شيء يستصحب ، بل يستصحب عدمه في حقّه.
وظاهر الدروس أنّ له ذلك (٤). ونفى بعض الفضلاء المعاصرين عنه البعد ، محتجّا بأنّ الردّ في معنى الإباحة لا الإبراء ، والأصل بقاء الحقّ (٥).
__________________
(١) المسالك ٢ : ٣٧٣.
(٢) الدروس ٢ : ٩٤.
(٣) كالمسالك ٢ : ٣٧٣.
(٤) الدروس ٢ : ٩٤.
(٥) انظر غنائم الأيام : ٦٨١.