عدم الاشتغال وعدم وجود دليل شرعي على الحكم به دليل على الانقطاع ، مزيل للأصل.
ولا يتوهّم أنّه يمكن إلزام المدّعي عليه بلا يمين مردودة أيضا لعدم المعارض لقول المدّعي ، لأنّ الأصل من أقوى المعارضات ، ومن أين ثبتت حجّية قول المدّعي الجالب للنفع لدفع الأصل الثابت من الشرع؟! فإن قيل : بوجوب حمل أفعال المسلم وأقواله على الصحّة والصدق.
قلنا : من أين ثبت ذلك؟! سيّما إذا كان قوله مخالفا للأصل مثبتا للحقّ على الغير ، ولم نعثر إلى الآن على دليل تامّ على ذلك ، كما بيّناه في كتابي عوائد الأيّام ومناهج الأحكام.
سلّمنا ، فغاية ما نسلّمه أنّه لا يكذب في ادّعاء علمه ، ولكن من أين تثبت حجّية علمه علينا؟! فإن قيل : ورد في رواية البصري المتقدّمة : « ولو كان حيّا لألزم اليمين ، أو الحقّ ، أو يردّ اليمين عليه » (١) دلّت على أنّه لو كان حيّا لتعلّق به أحد الثلاثة ، ولمّا لم يكن اليمين أو ردّه هنا فتعيّن الإلزام بالحقّ.
قلنا : يجب إمّا تخصيص الحيّ بالعالم ، أو تخصيص الإلزام والردّ به ، ولا مرجّح ، فيحصل الإجمال المسقط للاستدلال. والله الموفّق في كلّ حال.
وأمّا ما احتمله في الكفاية من كون عدم العلم بثبوت الحقّ كافيا في الحلف على عدم الاستحقاق ، لأنّ وجوب إيفاء حقّه إنّما يكون عند العلم به (٢).
__________________
(١) راجع ص : ٢٣١.
(٢) الكفاية : ٢٧٠.