قبول دعوى المدّعي العادل المتديّن شيئا في ذمّة الفاسق المتغلّب ، ولو ضمّ معه شهادة فاسقين مورثة لشدّة الظهور ، ونحو ذلك ، مع أنّ تقديم قول المنكر لا يختصّ بالأعيان الكائنة في اليد ، بل يشمل ما في الذمّة أيضا ، مع أنّ منشار النجّار وكتاب العالم إذا كان بيد شخص معروف بالسرقة وخرج من بيت النجّار والعالم لو ادّعاه النجّار والعالم يقدّم قول ذي اليد السارق ، مع أنّ الظاهر خلافه ، فيعلم أنّ ذلك ليس باعتبار الظهور والمظنّة.
هذا إذا كان المراد الملكيّة السابقة.
ولو أريد الملكيّة الحالية فلا وجه لحصول العلم أو الظنّ بها من حيث إنّه متاع البيت وأنّهما الزوجان أصلا ، وكيف يعلم أو يظنّ بما وقع بينهما في زمان اجتماعهما؟! وكذا الكلام إن كان المراد تعيين ذي اليد بالعرف والعادة.
فإن قيل : التعليل المذكور الذي ذكره الإمام عليهالسلام في الأخبار الثلاثة (١) بقوله : « يعلم من بين لابتيها » إلى آخره ، يدلّ على اعتبار العادة في ذلك.
قلنا : العلّة المذكورة هي العلم كما في بعضها ، والإخبار العلميّ ـ الذي هو وظيفة البيّنة ـ كما في بعض آخر ، ولا كلام فيه حينئذ ، وإنّما الكلام في تحقّق العلم العادي كما هو المعلوم ، ولعلّه كان عادة مخصوصة معلومة في بلده عليهالسلام في ذلك الزمان ، مع أنّ في التعليل إجمالا لا يتمّ الاستدلال به ، كما مرّت الإشارة إليه.
ومن ذلك ظهر خلوّ هذا القول عن الدليل التامّ أيضا ، فلا ينبغي الارتياب في سقوطه من البين. وظهر بطلان الأقوال الثلاثة ، التي هي غير
__________________
(١) المتقدّمة في ص : ٣٦٨ ـ ٣٦٩.