واختلفوا في المرجّح أيضا ، فعن المفيد : اعتبار الأعدلية هنا خاصّة (١) ، وعن الإسكافي : اعتبار الأكثرية كذلك (٢) ، وعن المهذّب : اعتبار الأعدلية فالأكثرية (٣) ، وعن ابن حمزة : اعتبار الأعدلية أو الأكثرية أو التقييد بالسبب (٤) ، وعن الديلمي : اعتبار المرجّح من غير بيان له (٥).
ولا دليل على شيء منها ، سوى ذيل صحيحة أبي بصير المتقدّمة (٦) ، المرجّحة للأكثرية فقط ، وهو ـ لكونه قضية في واقعة ـ لا يصلح دليلا لشيء من تلك الأقوال ، إلاّ أن يضمّ معه التقريب المتقدّم ، فيصير دليلا للإسكافي خاصّة.
وظاهر أنّ قوله شاذّ نادر ، فتكون الرواية الموافقة له ـ لمخالفة الشهرة القديمة العظيمة ـ عن حيّز الحجيّة خارجة ، فتكون هي مرجوحة بالنسبة إلى دليلنا بمخالفة تلك الشهرة ، بل السنّة الثابتة ، وإن كانت بالنسبة إلى هذا الذيل عامّة ، لأنّ مخالفة عمومها أيضا داخلة في أسباب المرجوحية المنصوصة.
ولو قطع النظر عن جميع ذلك فيعارض دليلنا بالعموم من وجه ، والأصل مع عدم قبول بيّنة الداخل وإن كان أكثر ، بل مطلق البيّنة ، سيّما في صورة التعارض ، فيكون كما لا بيّنة له ، والحكم التنصيف أيضا.
وعدا ما قيل من أنّ حال البيّنتين حال الخبرين المتعارضين (٧).
وهو قياس باطل ، بل مع الفارق ، للخلاف في مناط العمل بالخبر هل
__________________
(١) المقنعة : ٧٣٠.
(٢) حكاه عنه في المختلف : ٦٩٣.
(٣) المهذّب ٢ : ٥٧٨.
(٤) الوسيلة : ٢١٨.
(٥) المراسم : ٢٣٤.
(٦) في ص : ٣٩٣.
(٧) انظر غنائم الأيام : ٧٠٤.