ابن البراج ، مع ان النهاية لم يعلم كونها كتاب فتوى ، واشتماله على ما لا يقول به الأصحاب من الحكم بحيضية العشرة لذات العادة إذا تجاوزها الدم ، وعدم سلامته من التناقض ، للتصريح فيه بأن الطهر لا يكون أقل من عشرة مع ظهور بعضه فيه ، الى غير ذلك ـ لا ينبغي ان يقطع به ما سمعت ، ويجترئ به على مخالفة هذه الشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعا ، مع اعتضادها بفتوى مثل الصدوقين وابن الجنيد وعلم الهدى على ما نقل عنهما ، وأما الصحيح المتقدم فلا دلالة فيه على شيء من المدعى ، إذ كون اليوم أو اليومين حيضا حتى يلحق به ما تراه قبل مضي العشرة أول الكلام.
ولذلك كله قال المصنف الأظهر الأول وان كان الاحتياط لا ينبغي ان يترك بحال ، سيما مع ملاحظة قوة المرسلة من جهة كون المرسل يونس ، وهو على ما قيل ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه ، ولعل إسماعيل بن مرار الذي رمي بالجهالة يقرب إلى الوثاقة ، لعدم استثناء القميين ممن يروي عن يونس غير محمد بن عيسى العبيدي على ما حكي ، لكن الأقوى الأول ، لما تقدم ، هذا كله ان لم نقل ان القائلين بعدم الاشتراط يجعلون النقاء المتخلل بين الأيام الثلاثة طهرا ، وإلا فإن كان كذلك كما زعمه في الروض وعن شرح الإرشاد للفخر والهادي وصرح به في الحدائق بعد ان اختار عدم الاشتراط فهو من الفساد حينئذ بمكانة ، لمخالفته مع ذلك ما دل على ان أقل الطهر عشرة من الإجماع والسنة حتى المرسل السابق ، وان أشعر صدره بخلافه مع عدم صراحته ، لاحتمال إرادة أدنى الدم لا مع المحكوم بحيضيته ، وغير ذلك ، وما في الحدائق ـ من الجمع بين صدره وذيله والأخبار الدالة على ان أقل الطهر عشرة بحمل الطهر فيها على ما كان بين حيضتين مستقلتين لا الحيضة الواحدة ، فإن النقاء فيها طهر ، مستشهدا لذلك بصحيح ابن مسلم (١) وغيره (٢) مما دل على إلحاق ما رأته قبل
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١١ ـ من أبواب الحيض ـ حديث ٣.
(٢) المستدرك ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب الحيض ـ حديث ١.