عبارة الرياض من انه نقل القطع به عن الشيخ والفاضلين والشهيد وغيرهم وعن التذكرة الإجماع عليه لعله سهو منه ، وكأنه عول في ذلك على عبارة كشف اللثام كما هي عادته قال في كشف اللثام بعد ان اعتبر العلم بكونه منه وذكر رواية سماعة وقال بعدها بلا فاصل : وفي نهاية الأحكام عملا بالظاهر ، وهو الاستناد اليه ، وهو مما قطع به الشيخ وابن إدريس والفاضل والشهيد وغيرهم ، وفي التذكرة الإجماع عليه انتهى.
قلت : والظاهر ان مراده بالضمير أصل الحكم لا ما نقله عن نهاية الأحكام كما يرشد اليه استقراء كلمات من نقل عنهم ، فإن أكثرها كالصريح في اعتبار العلم سيما إجماع التذكرة ، فإنك قد عرفت انه لم ينقله على ما نحن فيه في أحد الوجهين ، على أنه علله بما تقدم ، ومن العجيب ما وقع في الرياض أيضا من تقييده أولا بإمكان كون المني وعدم احتماله من غيره ، ثم اكتفائه بظاهر الحال ، وكأنه تبع في ذلك كاشف اللثام في مزجه لعبارة القواعد ، لكنك قد عرفت انه لم يكتف بظاهر الحال ، بل اعتبر العلم فصح له ذلك ، بخلافه هو ، ثم ان اختياره اختصاص ذلك في صورة الانتباه كأنه في غير محله ، بناء على المنقول اليه من إجماع التذكرة وغيره الذي يكون قرينة على التعدي عن محل سؤال الروايتين ، والحاصل ان التعرض لما في كلامه يحتاج الى تطويل.
( الثالث ) ان يراد بكلام الأصحاب ما هو المتعارف الوقوع الكثير الدوران في غالب أفراد الناس ، وهو انهم يجدون المني في الثوب المختص ويعلمون انه منهم لكن لم يعلموه انه من جنابة سابقه قد اغتسل عنها أو لاحقة متجددة ، فإنه حينئذ بمجرد ذلك أوجبوا الاغتسال ، ويكون المدار على نفي احتمال كونه من غيره ، كما لعله تشعر به بعض كلمات بعضهم ، لا يقال : ان ذكر ذلك أيضا قليل الفائدة كالوجه الأول ، لأنه من المعلوم انه إذا علم كون المني منه يجب عليه الاغتسال ، لأنا نقول : انه اشتباه ، لأن العلم بكون المني منه أعم من وجوب الاغتسال ، إذ قد يكون من جنابة قد اغتسل