بالنظر في هذا العلم وتعلمه وتعليمه ، والاخبار عما يقتضيه مما وصل إليه من قواعده لا على جهة الجزم ، بل على معنى جريان عادة الله تعالى بفعل كذا عند كذا ، وعدم اطراد العادة غير قادح (١) « فان الله يمحوا ما يشاء ( وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ ) » بل قد يتوقف في الكراهة فضلا عن الحرمة ، بل يمكن حصول زيادة العرفان بمعرفته والترقي إلى بعض درجات الايمان ، بممارسته ودعوى أن فيه تعريضا للوقوع في المحظور من اعتقاد التأثير فيحرم لذلك ، أو لأن أحكامه تخمينية كما ترى ، خصوصا الثاني ، ضرورة عدم حرمة مراعاة الظنون في أمثال ذلك ، بل لعل المعلوم من سيرة الناس ، وطريقتهم خلافه ، في الطب وغيره والتعريض المزبور مع انه ممنوع ، لا يكفي في الحرمة وإلا لحرم النظر في علم الكلام ، الذي خطره أعظم من ذلك ، فلا ريب في رجحان ما ذكرناه ، بل لا يبعد أن يكون النظر فيه ، نحو النظر في علم هيئة الأفلاك الذي يحصل بسببه الاطلاع على حكمة الله وعظم قدرته ، نعم لا ينبغي الجزم بشيء من مقتضياته ، لاستيثار الله بعلم الغيب.
وكذا الكلام في الرمل والفال ، ونحوهما من العلوم التي يستكشف بها علم الغيب ، فإنها تحرم مع اعتقاد المطابقة لا مع عدمه ، وقد كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يحب الفال ، ويكره الطيرة ، (٢) بل ورد عنهم صلوات الله وسلامه عليهم أمور كثيرة كالاستخارة ، وبعض الحسابات (٣) وغيرهما ما يستفاد منه كثير من المغيبات ، لكن لا على وجه الجزم واليقين ، ولعل ذلك كله من فضل الله على عباده ، وهدايته بهم نحو ما جاء (٤) عنهم في الرقى انها تدفع القدر فقال : انها من القدر وان هذا الباب باب عظيم ليس المقام مقام ذكره ، خصوصا ما يتعلق في
__________________
(١) سورة الرعد الآية ٣٩.
(٢) سقية البحار ج ٢ ص ١٠٢ كعلم الجفر سقية البحار ج ٢ ص ١٤٤.
(٣) سقية البحار ج ٢ ص ١٠٢ كعلم الجفر سقية البحار ج ٢ ص ١٤٤.
(٤) الوسائل الباب ١٤ من أبواب الاحتضار الحديث ١٢.