بعد ملاحظة ما عرفته من السيرة المستقيمة ، بل لعله مندرج فيما دل على مداعبة المؤمنين ومزاحمهم ، بل لو أخذ الرهن الذي فرض لهذا القسم بعنوان الوفاء بالوعد الذي هو نذر لا كفارة له ، ومع طيب النفس من الباذل لا بعنوان أن المقامرة المزبورة ، أوجبته وألزمته ، وانها كغيرها من العقود المشروعة ، أمكن القول بجوازه ، نعم هو مشكل في القسم الأول ، وإن فرض الحال فيه أيضا ، بناء على حرمة كل ما ترتب على المحرم ، ولو جزاء أو وعدا أو نحوهما ، كما أشرنا إليه السابق ، وقلنا أن في خبر (١) تحف العقول نوع إيماء إليه ، وإن كان لا يخلو من بحث ، وعلى كل حال فقد ظهر لك حرمة مال المقامرة ، فيجب رده على مالكه ، إذا عرف بعينه ، وإلا فإن كان في محصورين وجب التخلص منهم بالصلح ، واحتمال القرعة لا يخلو من وجه ، وإلا كان له حكم مجهول المالك ، ولا فرق في ذلك بين مقامرة الأطفال وغيرهم ، ولو أكل من مال المقامرة ، ثم علم به بعد ذلك ضمنه.
وهل يجب أيضا استفراغه وجهان أقواهما العدم ، لصيرورته حينئذ من الخبائث التي لا تدخل في الملك لكن (٢) روى « ان أبا الحسن عليهالسلام أكل من مال المقامرة شيئا من غير علم ، فلما علم قائه » وهو مع أنه لا يخلو من بحث ، بالنسبة إلى منافاة العصمة التي هي الطهارة من الرجس ، لا يدل على الوجوب ، وعليه يشكل حينئذ الصوم ممن في بطنه طعام مغصوب يتمكن من قيئه ، مع فرض اعتبار إخراجه بتعمد قيئه المبطل للصوم ، ولعل الأولى حمل خبر المزبور ، على فرض صحته
__________________
(١) الوسائل الباب ٢ من أبواب ما يكتسب به الحديث ١.
(٢) الوسائل الباب ٣٥ من أبواب ما يكتسب به الحديث ٢.