ومنه يعلم ما فيما سمعته من النهاية من منع الصحابة وفي خبر عبد الرحمن (١) « عن أبي عبد الله عليهالسلام أيضا إن أم عبد الله ابن الحارث أرادت أن تكتب مصحفا ، فاشترت ورقا من عندها ودعت رجلا فكتب لها على غير شرط ، فأعطته حين فرغ خمسين دينارا ، وإنه لم تبع المصاحف إلا حديثا » وهو دال أيضا على كون السيرة في هذا الزمان حاصلة في زمانهم عليهمالسلام ، فتكون أقوى من الإجماع ، ولعل الفقيه الماهر إذا أعطى النظر حقه في نصوص المقام وفي الأصول والقواعد يقطع بما قلناه ، خصوصا إذا لاحظ رمزهم بقولهم عليهمالسلام وما عملته يداه ، وقولهم أشتريه أحب إلى من أبيعه ، بل لعل استعمال هذه الصورة في كتب الحديث ونحوها ، مما يرجع إلى أولياء الله الذين كلامهم كلام الله لا يخلو من رجحان ، بل وكتب الفقه أيضا التي يرجع ما فيها إليهم بنوع من الاعتبار.
ومما يؤيد ما ذكرناه أيضا ضرورة الدين على جواز بيع الكتب المتضمنة للايات وإن كثرت مع أن مدرك المنع لو صح لكان عاما إذ لا خصوصية له في المصحف ، سيما بعد قوله في خبر عثمان بن عيسى لا تشتر كلام الله (٢) وفي خبر سماعة « لا تشتر كلام الله » (٣) المعلوم كون المراد منه لا تشتر رسم كلام الله ، من غير فرق بين قليله وكثيره ، وكونه مجموعا أو مفرقا ، نعم لا بأس بالحكم بكراهة بيعها وشرائها كما أفتى به العلامة الطباطبائي في مصابيحه ، للنهي المزبور في الخبر السابق المعلوم قصوره لما سمعت من وجوه ، بل الاولى ترك الاشتراط في الأجرة على كتابته ، للخير المحمول على ذلك بقرينة ففي
__________________
(١) الوسائل الباب ٣١ من أبواب ما يكتسب به الحديث ١٠.
(٢) الوسائل الباب ٣١ من أبواب ما يكتسب به الحديث ٢.
(٣) الوسائل الباب ٣١ من أبواب ما يكتسب به الحديث ٣.