ان أبي كان ممن سباه بنو أمية ، وقد علمت أن بني أمية لم يكن لهم أن يحرموا ولا يحللوا ، ولم يكن لهم مما في أيديهم قليل ولا كثير ، وإنما ذلك لكم فإذا ذكرت الذي كنت فيه دخلني من ذلك ما كان يفسد علي عقلي ما أنا فيه ، فقال له : أنت في حل مما كان من ذلك وكل من كان في مثل حالك من ورائي فهو في حل من ذلك قال : فقمنا وخرجنا فسبقنا معتب إلى النفر القعود الذين ينتظرون إذن أبي عبد الله عليهالسلام ، فقال لهم : قد ظفر عبد العزيز ابن نافع بشيء ما ظفر بمثله أحد قط ، قيل له : وما ذاك ففسره لهم ، فقام اثنان فدخلا على أبي عبد الله عليهالسلام فقال : أحدهما جعلت فداك إن أبي كان من سبايا بني أمية ، وقد علمت أن بني أمية لم يكن لهم من ذلك قليل ولا كثير ، وأنا أحب أن تجعلني من ذلك في حل ، فقال : ذلك إلينا وما ذلك إلينا ما لنا أن نحل ولا نحرم ، فخرج الرجلان وغضب أبو عبد الله عليهالسلام فلم يدخل عليه أحد في تلك الليلة إلا بدأه أبو عبد الله عليهالسلام فقال : ألا تعجبون من فلان يجيئني فيستحلني مما صنعت بنو أمية كأنه يرى ذلك إلينا ولم ينتفع أحد في تلك الليلة بقليل ولا كثير إلا الأولين فإنهما عنيا بحاجتهما » محمول على التقية بقرينة ما في صدره ، وقد سمعت خبر ضريس (١) وغيره مما يدل على ذلك ، بل كان المسألة ليست محل شك ، كما قد عرفت أنه لا شك في أن ليس لأحد الامتناع من أداء الخراج بل الظاهر ذلك ولو كان من عليه الخراج من جملة مصارفه ، أما مع التقية فواضح ، وأما مع عدمها فلا بد له من الاستيذان من حاكم الشرع ، لعدم ثبوت التحليل له من الأئمة عليهمالسلام على وجه لا يحتاج معه إلى مراجعة منصوبهم ، وإن
__________________
(١) الوسائل الباب ٤ من أبواب الأنفال الحديث ٣.