حينئذ بعد التلف كغيره من المال المباح من مالكه ، ولذا كان خيرة التذكرة والمختلف والقواعد في موضع منها ونهاية الأحكام والإيضاح وشرح الإرشاد للفخر والدروس واللمعة وجامع المقاصد والروضة والمسالك والكفاية التفصيل بينه وبين البقاء ، فلا يرجع مع الأول ، ويرجع مع الثاني ، لبقائه على ملكه ، و « الناس مسلطون على أموالهم » (١) لكن فيه أن ذلك لو كان للإباحة لجرى في غيره من نظائره ، ولاقتضى حلية التصرف فيه وفيها ، مع أنه ورد في كثير منها أن « أثمانها سحت » (٢) مضافا إلى ما عرفته سابقا من ضمان الثمن والمثمن في القبض بالعقد الفاسد ، من غير فرق بين التلف وعدمه ، والعلم بالفساد وعدمه ، فالعمدة حينئذ ظهور إطباق الأصحاب الذي قد عرفت الاعتراف منهم بأن معقده مطلق ، شامل لصورتي البقاء والتلف ، مع إمكان تقريبه إلى الذهن بنحو ما سمعته من الإباحة ، بالنسبة إلى التلف ، بأنه يمكن أن يكون عقوبة له ، ولا استبعاد في عدم جواز الرجوع به وإن بقي على ملكه ، بل ويجب رده على من في يده ، كالمال الذي حلف عليه المنكر (٣) أو يكون نحو المال المعرض عنه ، أو الموهوب أو نحو ذلك فيملكه حينئذ البائع مع حرمة التصرف عليه ، أو عدمها.
وعلى كل حال فبناء على ذلك لا وجه للتفصيل المزبور اللهم إلا أن يقال أن المنشأ في التلف الإباحة من المالك ، وهي لا تنافي حرمة تصرف الغاصب ، للنهي الشرعي عن الإباحة في مقابلة المحرمات ، ولا تلازم بين الحرمة المالكية والشرعية ، فيمكن أن يكون الشارع حرم
__________________
(١) البحار ج ٢ ص ٢٧٢ الطبع الحديث.
(٢) الوسائل الباب ٥ من أبواب ما يكتسب به.
(٣) الوسائل الباب ٣ و ٤ من أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى.