الجهل هو الوجه ، قلت : قد يتجه البطلان فيها مع الجهل أيضا إذا فرض قصد مقابلتها بالثمن أيضا ، لعدم حصول العلم ولو بالتقسيط ، ضرورة عدم السبيل إلى معرفة ما يخصها منه ، فبان من ذلك كله أن الحكم هنا كالحكم في المسألة السابقة حتى في التقسيط أيضا ، لاتحادهما في المدرك ، ويرجع في قيمة الخمر ونحوه عند مستحليه ، ومن كان بحكمهم من عصاة المسلمين ، لا بمعنى قبول قولهم فيه ، لمعلومية اشتراط العدالة في المقوم ، بل المراد ملاحظة قيمته عندهم ولو بشهادة عدلين مطلعين على ذلك ، نعم يمكن الاكتفاء بإخبار جماعة منهم على وجه يحصل العلم بكون قيمته كذلك عندهم ، أو الظن الغالب الذي هو في العادة كالعلم في ترتب نحو ذلك ، أما تقويم الحر فهو يفرضه مملوكا بصفاته التي هي فيه ، ولها مدخلية بالقيمة ويلحظ التقسيط بعد ذلك على النحو الذي عرفته ، ومن ذلك يظهر لك ما في المحكي عن عميد الدين من أنه يقوم الخمر عند مستحليه بانفراده ، وتقوم الشاة عند عدول المسلمين ، اللهم إلا أن يحمل على ما قلناه ، وكذا يظهر ما في المحكي عن حواشي الشهيد قال : أن التقويم في الحر والعبد بين ، وفي الباقيين تفصيل ، وهو أنه إن تساوت قيمة الخل المنضم إلى الخمر والشاة المنضمة إلى الخنزير عند الملتين قوما معا عند أهل الذمة ، وإن كان الخل أرفع قيمة عند المسلمين ، فالظاهر التقويم منفردين لاشتمال الاجتماع على غبن البائع أو امتناع التقويم لأنه إن كان عند أهل الذمة لزم الأول ، وإن كان عند المسلمين فالثاني ، ولقد أجاد في جامع المقاصد حيث قال : بعد نقله ليس لهذا الكلام كثير محصل ، لأن الأصل في التقويم اعتباره عند المسلمين ، لأن الحكم إنما هو لأهل الإسلام ، فما دام يمكن ذلك وجب المصير إليه ولا يعدل عنه الا عند التعذر ، وهو فيما يملك ممكن فتعين اعتباره