وعلى كل حال فحمله على متعذر التسليم أو ما يشمله كما ترى ، لا إشعار في شيء من النصوص به ، على أنه يمكن أن يكون ما قلنا بفساد بيعه وهو بيع ما تحقق فيه ذلك كالطير في الهواء والسمك في الماء ونحوهما ، لا أنه يدل على اشتراط القدرة على التسليم ، بحيث لا يصح بيع مجهول الحال فتأمل ، والاستناد في ذلك إلى خصوص ما دل على منع بيع الآبق باعتبار انه لا مانع منه إلا عدم القدرة على تسليمه يدفعه أن نصوصه (١) كما اشتملت على ذلك قد اشتملت أيضا على جواز بيعه منضما إلى غيره ، ولو كانت القدرة على التسليم شرطا لوجب اعتباره في جميع اجزاء المبيع ، وإلا لكان القدرة على التسليم شرطا في الجملة ، ولو في جزء المبيع كما حكي عن ظاهر جماعة من الأصحاب ، ولذا اجتزوا بالضميمة إلى كل ما تعذر تسليمه في صحة البيع ، من غير فرق بين الآبق وغيره ، إلا أن ذلك خلاف ظاهر العبارات السابقة ومعاقد الإجماعات ، وعليه يتجه حينئذ عدم إرادة ظاهرها ، وليس ذلك بأولى مما ذكرنا.
وربما استدل أيضا على اشتراطها بوجوب تسليم كل من المتبايعين ما انتقل عنه بالبيع إلى صاحبه ، فيجب أن يكون مقدورا لاستحالة التكليف بالممتنع ، وأن الغرض من البيع انتفاع كل منهما بما يصير إليه من العوض ، ولا يتم إلا بالتسليم فيكون القدرة عليه شرطا ، وإن بذل الثمن على غير المقدور سفه ، وتضييع للمال فيكون ممنوعا منه ، ويتوجه على الأول أنه إن أريد إثبات اشتراط القدرة على التسليم ، بوجوب التسليم منجزا فذلك باطل ، لأنه مشروط بالبيع ، وإن أريد إثبات اشتراطها بوجوب الاقدام على ما يتمكن معه من فعل الواجب
__________________
(١) الوسائل الباب ١١ من أبواب عقد البيع وشروطه.