نصا في اشتراط القدرة على التسليم في الحال ، لاحتمال أن يكون الوجه فيه تنزيل المشقة والتعسر منزلة التعذر ، فلا يكون مقدورا على تسليمه ، كما أن ما سمعته من التحرير لا صراحة فيه في المنع في غير ما ذكره ، لاحتمال إرادة التمثيل به أو قصد ما بعد العقد مطلقا ، فلا خلاف محقق في المسألة ، ومنه يعلم ضعف أحد التردد في المتن ، وهو مانعية العجز الفعلي ، نعم لا بأس بثبوت الخيار في ذلك مع الجهل لكون المشتري قادما على الانتفاع بالمبيع بعد البيع ، فلما تعذر ذلك جبر بالخيار دفعا للضرر ، بخلاف العالم فإنه لا خيار له للأصل السالم عن المعارض.
وإلى ذلك كله أومئ المصنف بقوله ولو قيل بالجواز مع ثبوت الخيار للمشتري أي مع الجهل لـ ( كان قويا ) ، بل اللائق الجزم به لما عرفت ، لكن ينبغي أن يعلم أن ما لا يمكن تسليمه في الحال إما أن يشترط في بيعه تأخير تسليمه إلى أجل معلوم يمكن تسليمه فيه أولا ، وعلى التقديرين ، فاما أن يكون المبيع موصوفا مضمونا في الذمة ، أو عينا موجودة معينة ، ففي المسألة حينئذ صور أربع ، الأولى بيع المضمون المؤجل بأجل معلوم وهو السلف ، ولا ريب في صحته ولا في عدم اشتراط القدرة على تسليمه في الحال كما تعرفه في محله ، الثانية بيع العين الموجودة المشروط تسليمها بعد انقضاء مدة التعذر ولا ينبغي الشك في صحة هذا البيع أيضا فإنه كالسلم ، بل لعله أولى لاشتراكهما في التأجيل وضبط الأجل مع زيادة وجود المبيع والعلم به فلا يدخله ما يدخل السلم من الغرر المغتفر ، الثالثة بيع العين المقدور تسليمها بعد مدة غير مضبوطة في العقد ، فان كانت مقدرة في العادة ، فالبيع صحيح لأن العادة بمنزلة الشرط المذكور في العقد ، بل الظاهر الجواز في غير المقدرة