لم يرد فيه تحديد من الشرع ، ولا ريب أن معلوميته بحسب العادة إنما يحصل بتقديره ، بما هو المعتاد فيه ، فلو انتفى كما في بيع المكيل والموزون من غير كيل ووزن انتفت المعلومية بالمعنى المراد.
ثالثها حديث الغرر (١) فإنه كما يدل على أصل اشتراط العلم بالعوضين ، فكذا على وجوب تقديرهما بالأمر المعتاد فيهما ، وذلك لأن ما يقدر في العادة بالكيل والوزن مثلا يختلف فيه الثمن بحسب اختلاف مقداره كيلا ووزنا ، وما يختلف الثمن باختلاف التقدير فيه لا يرتفع عنه الغرر والمخاطرة إلا بذلك التقدير ، إذ المشاهدة إنما يرتفع بها الغرر الحاصل من اختلاف الجنس والوصف ، بخلاف المقدار فإنه لا يدرك بالحس والخرص فيما يقدر عادة خلاف المعتاد ، فالاختلاف الحاصل من قبله غرر منفي ، بخلاف ما يحصل من اختلاف الموازين والمكاييل ، فإنه عادى مغتفر في العادة ، وقد علمت أن الغرر المنفي هو الاختلاف الذي لا يتسامح به عرفا وعادة وإن قل ، وأن المتسامح به ليس بغرر أو غرر مغتفر ، والاختلاف الحاصل بالكيل والوزن من هذا القبيل ، وكذا الحاصل بالمشاهدة فيما جرت العادة بالاكتفاء بها سواء كان التقدير فيه غير ملحوظ أصلا كما في بيع الأناسي من العبيد ، أو مقصودا كما في بيع الثمار والأشجار ، وبيع الحيوان المقصود منه اللحم ، فان المقدار وإن كان مراعى فيه في الجملة إلا أنه لما جرت العادة بالاكتفاء فيه بالمشاهدة ، جاز بيعه كذلك وإن أمكن الوزن وسهل الاختبار.
رابعا ما رواه المشايخ الثلاثة رحمهمالله تعالى بطرق متعددة منها
__________________
(١) الدعائم ج ٢ ص ١٩.