لما سلبونا حقنا ولو تركهم الناس وما في أيديهم ما وجدوا شيئا إلا ما وقع في أيديهم » ولأن ذلك لا ينفك عن الميل والركون إليهم وحب بقائهم ، كما أشير إليه في رواية صفوان وغيرها وقد قال الله تعالى (١) ( وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النّارُ ).
قلت : إلا أن السيرة القطعية على خلاف ذلك ، بل هو مناف لسهولة الملة وسماحتها وإرادة اليسر ، ضرورة عدم سوق مخصوص للشيعة ، وعدم تمكنهم من الامتناع عنهم ، بل هو مناف لما دل (٢) « على مجاملتهم ، وحسن العشرة معهم ، والملق لهم وجلب محبتهم ، وميل قلوبهم ، كي يقولوا رحم الله جعفر بن محمد ما أحسن ما كان يؤدب به أصحابه » فالمتجه حينئذ في الجمع بين الجميع ، تخصيص الحرمة في الإعانة على المحرم في نفسه ، كما في كل عاص وإعداد نفسه لها ، من غير تقييد بمحلل ومحرم على وجه يندرج في أعوانهم (٣) « فإن من علق سوطا بين يدي سلطان جائر ، جعل الله ذلك السوط يوم القيامة ثعبانا من نار يسلطه الله عليه في نار جهنم » والإعانة لهم عن ميل لظلمهم ، وبقصد السعي في إعلاء شأنهم ، وحصول الاقتدار على رعيتهم ، وتكثير سوادهم وتقوية سلطانهم ، فإنه لا ريب في حرمتها إذ هي كالإعانة ، بل هي منها في الحقيقة.
وأما ما عدا ذلك من خياطة ثوب أو بناء جدار أو نحو ذلك مما هو مباح في نفسه ، ولم يكن من قصد الفاعل ما سمعت ، فالظاهر
__________________
(١) سورة الهود الآية ١١٣.
(٢) الوسائل الباب ١ و ١٢١ من أبواب أحكام المعاشرة الحديث ٢ و ١ ـ ٥.
(٣) الوسائل الباب ٤٢ من أبواب ما يكتسب به الحديث ١٠.