وتوهم أنها من المعجزات المثبتة للنبوات من غير استناد إلى الشرعيات بحروز أو دعوات أو نحوها من المأثورات.
وأما ما أخذ من الشرع كالعوذ والهياكل وبعض الطلسمات فليست منه ، بل هي بعيدة عنه وكان غرض الشارع المنع من التدليس والتلبيس في الأسباب على نحو منعه في المسببات ، وأن حدوث الأفعال من غير سبب يبين ، مخصوص برب العالمين ، لكنه كما ترى لا يرجع إلى محصل وأين العرف العام وتمييز جميع أقسام السحر الذي هو علم عظيم طويل الزيل كثير الشعب لا يعرفه إلا الماهرون فيه ، وليس مطلق الأمر الغريب سحرا ، فان كثيرا من العلوم كعلم الهيئة والجفر والترارجية وهو أسرار الجفر وغيرها يظهر من العالم بها بعض الآثار العجيبة الغريبة ويكفيك ما يصنعه الإفرنج في هذه الأزمنة من الغرائب ، وليست هي من السحر الحرام قطعا ، هذا وقد ذكر بعضهم أنه أقسام ثمانية.
الأول سحر الكلدانيين ، وهم قوم يعبدون الكواكب ، ويزعمون أنها المدبرة لهذا العالم ، إلا أنهم فرق ثلاثة الأولى زعمت أن الأفلاك والكواكب واجبة الوجود لذاتها وأنها هي المدبرة لهذا العالم والخالقة له.
والثانية أنها مخلوقة إلا أنها قديمة لقدم العلة التامة المؤثرة في وجودها ، فالساحر عند الفرقتين هو الذي يعرف القوى العالية الفعالة بسائطها ومركباتها ، ويعرف ما يليق بكل واحد من العوالم السفلية ، ويعرف المعدات ليعدها والعوائق لينجيها ، معرفة بحسب الطاقة البشرية ، وبذلك يكون متمكنا من استجذاب ما يخرق العادة ، ولعله إلى ذلك أشار بطليموس في قوله علم النجوم منك ومنها.
الفرقة الثالثة إنها حادثة مسبوقة بالعدم إلا أن خالقها خلقها عاقلة مختارة وفوض تدبير هذا العالم إليها ، والساحر حينئذ هو من