وعلى كل حال فلا خلاف في كفر الساحر بأحد الأقسام الأول كما لا خلاف ولا إشكال في كفره مع الاستحلال ، للقسم المحرم منه فيجري عليه حكم المرتد من القتل ونحوه اما غير المستحل فقد يظهر من جماعة عدم القتل به ، خلافا لبعض فجعله حدا له مطلقا ، ولعله لإطلاق الأدلة ، ولا يخلو من توقف ، ويأتي تمام الكلام فيه في باب الحدود إنشاء الله ، ودعوى أنه بجميع أقسامه كفر كما يقضي به بعض الأخبار بل هو ظاهر آية (١) « ( هارُوتَ وَمارُوتَ ) » أيضا ويدفعها معلومية حصر أسباب الكفر في غيره ، فالمراد حينئذ المبالغة في معصيته وأنه بسبب إظهار الساحر ما لا ينبغي صدوره ، إلا من الله صار كالشريك له فأطلق عليه اسم الكفر والشرك ، لا لأنه من أسبابه ولا للمشاركة له في أن حكمه القتل ، على أن آية « ( هارُوتَ وَمارُوتَ ) » لا تخلو من إجمال وربما تلحق بالمتشابه باعتبار ما ورد فيها (٢) من النصوص ، فان منها ما تضمنت « أنهما ملكان نزلا إلى الأرض ، بعد أن جعل الله فيهما ما في بني آدم ، من القوة الشهوية ونحوها ، لما عابوا عليهم بكثرة المعاصي فافتتنا بامرأة ، وأرادا الزنا فيها فاقترحت عبادة الوثن ، وشرب الخمر وقتل النفس ، ففعلا الجميع ، ثم أراداها بعد ذلك فلم يجداها ، وقد رفعها الله ومسخها النجم المسمى بزهرة كما مسخ الرجل العشار سهيلا فغضب الله عليهما وقال : لهما اختارا عذاب الدنيا ، أو الآخرة فأشار كل واحد منهما على الآخر بواحد ، وبقيا محبوسين في أرض بابل ثم علقا بين السماء والأرض منكوسين وأخذا في تعليم الناس السحر » وهو وإن كان غير مناف ، لعصمة الملائكة باعتبار تغير خصوص خلقة الملكين
__________________
(١) سورة البقرة الآية ١٠٢.
(٢) بحار الأنوار ج ٥٩ ص ٣٠٥ الطبع الحديث.