وَسَلاماً ) فمحى تسبيبها الإحراق ، وجعلها مسببة للبرد ولو لا أن يقول سلاما لهلك إبراهيم عليهالسلام ، من شدة بردها ، وهذا ونحوه المراد من (١) قوله تعالى ( يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ ) على انك قد عرفت أن من جملة أقسامه ، التسخير المشاهد بالوجدان ودعوى أن السحر ما أراه الساحر للجن من التخيلات التي أوجبت طاعتهم له ، يدفعها أن ظاهرهم كون السحر نفس هذا الأثر الغريب الخارق للعادة ، كما أنه يدفع ما ذكره بعضهم من أن له تأثيرا من جهة الوهم أنه قد يؤثر فيمن لا يعلم ، بل في بعض النصوص أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢) قد سحر فأثر فيه في بدنه ولذلك نزل المعوذتان بل لعله المراد من قوله تعالى ( النَّفّاثاتِ فِي الْعُقَدِ ) بل ومن قوله ( حاسِدٍ إِذا حَسَدَ ) بناء على أن من أقسامه تأثير النفوس الشريرة ولا منافاة في ذلك للعصمة والنبوة ، إذ ليس هو إلا كتأثير السيف به وتسليط الحيات والعقارب عليه ، نعم هما مانعان من تأثير السحر فيه في عقله ، ونحوه مما ينفر الناس عنه ، ويرتفع وثوقهم بأقواله ، ودعوى أن تسليط السحر عليه ولو على بدنه يورث ذلك واضحة المنع ، فان هذا القسم منه كغيره من الأسباب التي لم يرفع تأثيرها فيهم عليهالسلام وما عندهم من الإحراز والدعوات الدافعة غير مناف ، ضرورة أنه عندهم أيضا ما يحترزون به عن كل شيء ، لكن قد يؤمرون بعدم استعماله وعلى كل حال ، فقد قيل أنه لا ثمرة فقهية للنزاع في هذه المسألة ، إذ لا شك في عقابه وكفره وقتله ، إن كان مستحلا أو مطلقا ، وإلزامه
__________________
(١) سورة رعد الآية ٣٩.
(٢) المستدرك ج ٢ ص ٤٣٤.