ستعرفه منه ، كما أنه عرفت ما نوقش فيه بأن إطلاق هذا اللفظ على الدائم مجاز ، لأن المتبادر منه المنقطع ، كما هو معلوم ، ولما ذكروه من افتقاره إلى القرينة ، وهي عدم ذكر الأجل ، بل ظاهرهم أن الأجل جزء مفهومه ، وحينئذ فاستعماله بدونه استعمال للفظ في غير ما وضع له ، والتجوز في العقود اللازمة توسع لا يرتضونه ، والفرق بينه وبين « زوجتك » واضح ، لأن « زوجتك » حقيقة في القدر المشترك بين الأمرين أو مشترك بينهما اشتراكا لفظيا ، وعلى التقديرين فاستعماله في كل منهما بطريق الحقيقة ، بخلاف اللفظ الآخر الذي قد اعترفوا بمجازيته ، إذ قد عرفت دفعها بمنع المجازية أولا ، ومنع عدم كفاية مثل هذا التجوز ثانيا ، ودعوى الإجماع على ذلك ممنوعة أيضا ، كدعوى الإجماع على عدم العقد به بالخصوص من الطبريات ، والأصل يكفي في قطعه ما سمعته من ظهور النصوص في كون ذلك من جملة المقاصد التي خلق الله الألفاظ للإنسان في بيانها بالطرق التي ألهمها إياه ودله عليها ، ومن غير فرق بين المجاز والحقيقة ، فالأصل حينئذ عدم الاشتراط ، لإطلاق الأدلة ، وتعارف العقلاء في بيان المقاصد.
وبذلك تعرف الكلام في كثير مما تسمعه في الإيجاب ، بل والقبول وإن ذكره المصنف وغيره أنه هو أن يقول « قبلت التزويج » أو « قبلت النكاح » أو ما شابههما مثل « رضيت » ونحوه ، لكن بملاحظة ما ذكرناه تعرف عدم انحصاره في لفظ مخصوص ولا هيئة مخصوصة ، بل يكفي فيه كل لفظ دال عليه بالطريق المتعارف في بيان أفعاله من المقاصد ، وعلى كل حال فلا خلاف ولا إشكال في حصوله باللفظين المذكورين وإن تخالف مع الإيجاب بأن كان : « زوجتك » فقال : « قبلت النكاح » أو بالعكس ، ضرورة قيام الألفاظ المترادفة بعضها مقام بعض ، على أن المراد ذكر ما يدل على المقصود من غير اعتبار خصوص دال ، كما لا خلاف عندنا.
ولا إشكال في أنه يجوز الاقتصار على « قبلت » كغيره من العقود ، خلافا لما عن بعض الشافعية من المنع ، لأنه كناية لا صريح ، كما لو قال : « زوجنيها » فقال : « قبلت » ورد بمنع عدم صراحته ، لأن الغرض من الألفاظ الدلالة على الإرادة ،