لكن منع منه مانع كمرض ونحوه لم يؤثر ، مع احتماله كما يومئ اليه الاكتفاء بإخبار أهل الخبرة المبني على أنه مما ينبت ، بل يومئ إليه أيضا جعل الزمان والعدد كاشفين عنه ، ضرورة ابتناء كشفهما على ذلك ، لكن قد يقال : إن أقصى ذلك كله الحكم به على غير معلوم الحال ، لا الأعم منه وما علم عدمه ، ولعل هذا هو الأقوى ، ومرجعه الى اعتبار الفعلية التي طريقها ما عرفت.
وكذا ظاهر النص والفتوى اعتبارهما معا في الحرمة ، فلا يكفي حينئذ أحدهما ، خلافا للشهيد في اللمعة ، فاكتفى به ، بل حكاه السيد في نهاية المرام عن جماعة ، وقواه وعلله بالتلازم ، واحتمل التعليل به في الروضة ، ولكن رجح اعتبار الجمع ، وقطع به في المسالك ، ورد القول بالاكتفاء بالشذوذ ومخالفة النصوص والفتوى ، وكأنه استضعف التعليل بالتلازم ، ولعدم ظهوره ، وعدم ظهور استناد الشهيد اليه ، كما يشعر به كلامه في كتابيه ، وإلا فالبناء عليه يقتضي الموافقة في كون المحرم وجود الوصفين معا وإن اكتفى في العلم بالتحريم بأحدهما ، فإنه للكشف عن وجود الآخر ، لا للاستغناء به عنه ، وليس في ذلك ما يخالف النص ولا الفتوى ، لكنه فرع ثبوت التلازم ، وهو في حيز المنع ، خصوصا بالنسبة إلى إنبات اللحم ، ضرورة عدم استلزامه لشد العظم ، لبطء تحلله وتغذيه ، فقد تكون بعض الرضعات مغذيا للحم خاصة وبعضها مغذيا للعظم خاصة ، كما في صورة استغناء اللحم عن الغذاء.
نعم يمكن دعوى التلازم من جهة اشتداد العظم باعتبار سبق اللحم عليه ، فلا يشتد العظم إلا بعد أن يستغني اللحم المشتمل عليه عن الغذاء ، ويكون الجمع بينهما حينئذ في الأخبار مع إغناء الثاني عن الأول لوجهين : الأول أن نشر الحرمة لهما ، والآخر أن تغذى العظم بعد استغناء اللحم عن الغذاء ، فبعض الرضعات ينبت اللحم خاصة ، وبعضها يشد العظم ، والكل معتبر مع احتمال عدمه أيضا ، ضرورة إمكان تصور شد العظم خاصة من رضاع امرأة بعد استغناء اللحم من امرأة أخرى.
ومن هنا أمكن أن لا يكون نظر الشهيد الى ذلك ، بل للاكتفاء في النصوص