المتضمنة للتحريم بما أنبت اللحم بدون اعتبار اشتداد العظم ، كما في المعتبرين (١) السابقين ، وفي الصحيح (٢) « قلت له : فما الذي يحرم من الرضاع؟ فقال : ما أنبت اللحم والدم » والحسن (٣) « لا يحرم من الرضاع إلا ما أنبت اللحم والدم » والتحريم بما ينبت اللحم يقتضي التحريم بما يشد العظم ، للإجماع على اعتبار الاشتداد جمعا أو تخييرا ، فإذا انتفى الأول ثبت الثاني ، ولا ينافي ذلك اعتبار إنبات الدم في هذه الأخبار ، لأنه متقدم على إنبات اللحم ، فلا يزيد اشتراطه على اشتراطه ، وفي كشف اللثام أن المراد بالدم فيهما الغريزي ، وهو الذي ينسب إليه الإنبات ، لا الذي يستحيل اليه الغذاء في الكبد قبل الانتشار منه الى الأعضاء ، وكذا لا ينافيه انضمام الاشتداد فيما تقدم من النصوص ، لاحتمال تلازم الوصفين ، فيصح الجمع والاكتفاء.
لكن فيه أن الظاهر تخلف الاشتداد عن الإنبات كما عرفت ، بل يشهد به الحس ويقتضيه النظر ، فان العظم لبطء تغذيه يتأخر اشتداده عن نبات اللحم ، بل ربما كان التغذي فيه بعد استغناء اللحم عن الغذاء لأنه لسرعة قبول له وشدة احتياجه اليه يجذبه الى نفسه ، فلا يصل الى العظم إلا بعد استغنائه عنه ، بل قد يتخلف الإنبات عن الاشتداد فيما إذا ورد الغذاء على البدن بعد استغناء اللحم بما تقدمه ، فينصرف إلى العظم.
وما يقال ـ من أن الغذاء الوارد على البدن يتوزع على الأعضاء ويأخذ كل عضو منه قسطه اللائق به ـ فليس على إطلاقه ، بل هو بشرط الاحتياج وبقدر الحاجة ، وإذا ثبت التخلف مطلقا أو من جهة الاشتداد فقط ظهر التعارض بين ما دل على التحديد بما أنبت اللحم وشد العظم وما دل على التحديد بالأول وحده ، والجمع بينهما يتحقق إما بتخصيص الثاني وإما بحمل العطف في الأول على التقسيم أو ارتكاب حذف الموصول فيه مع بقاء الصلة ، ويترجح الأول بمطابقة الأصل وفتوى المعظم ، وقوة الدلالة
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث ١ و ٢.
(٢) الوسائل الباب ـ ٢ ـ من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث ١٨.
(٣) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث ١.