لا يستطيع أن يرفع رأسه إلى السماء فليكثر من تلاوة هذه الآيات (١) : ( الصّابِرِينَ وَالصّادِقِينَ وَالْقانِتِينَ ) ، إلى آخرها » وأيضا فإن المنقول عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمة عليهمالسلام بالتواتر إيثار النكاح على التخلي للعبادة ، ودليل التأسي يقتضي رجحانه بالنسبة إلينا.
لا يقال : لعل الوجه في ذلك وجود التوقان إلى النكاح كما هو الغالب ، ولا نزاع في أفضليته حينئذ ، إنما النزاع في أفضليته لمن لم تتق نفسه ، ولا دلالة للفعل المنقول عليه إلا مع العلم بانتفاء الوصف ، وهو ممنوع ، لأنا نقول : ثبوت الفعل عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وصحته عنه يقتضي رجحان التأسي والمتابعة لكل أحد وإن كان مخالفا له في الوصف إلا إذا كان مغيرا للحكم ، لعموم الأدلة وانتفاء ما يصلح للتخصيص فيما عدا الوصف المغير ، كيف ولو كان التأسي مقصورا على صورة العلم بتوافق الأوصاف التي يحتمله التغيير بها لزم أن لا يسلم في شيء من الموارد ، لقيام الاحتمال في جميعها ، فرجحان التأسي في النكاح يقتضي عدم الفرق في ذلك بين وجود التوقان وانتفائه وإن قلنا بثبوته في المتأسي به إلا أن ثبوت الوصف له لا يقتضي استناد الحكم اليه حتى لا يجوز التأسي لفاقده.
لا يقال : إن دليل التأسي إنما يقتضي حسن الفعل ورجحانه في نفسه وأما أنه أفضل من غيره فلا يستفاد منه قطعا حتى يثبت أنه أفضل من التخلي ، لأنا نقول : هو كذلك لو اعتبر التأسي في نفس النكاح ، فإنه حينئذ انما يدل على حسنه لا على أفضليته ، وأما إذا اعتبر بالنسبة إلى اختياره وإيثاره على التخلي فلا ريب في دلالته على الأفضلية ، لأن رجحان التأسي في إيثار النكاح على التخلي يستلزم رجحان إيثاره عليه ، ورجحان إيثار النكاح على التخلي يستلزم رجحان النكاح نفسه بالقياس اليه ، وهو المدعى.
وما يقال ـ من أنه يلزم على ذلك استحالة صدور عبادة من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمة عليهمالسلام مرجوحة بالقياس الى عبادة أخرى مضادة لها ، ضرورة اقتضاء صدورها إيثارها على
__________________
(١) سورة آل عمران : ٣ ـ الآية ١٧.