الراجحة ، وإيثارها عليها يقتضي رجحانها بالتقرير المتقدم ، وذلك ينافي كونها مرجوحة مفضولة على ما هو المفروض ـ يدفعه معلومية عدم اقتضاء نفس صدور العبادة منهم الأفضلية من عبادة أخرى مضادة ، نعم لو كانت العبادة المأتي بها طاعة مستمرة مانعة عن العبادة المضادة لها ، فان صدور مثل هذه الطاعة المطلوب منها الدوام عن الحكيم العارف بحقيقة الحال لا تكون إلا لرجحانها عنده على غيرها من الطاعات المضادة ، لأن اختيار المفضول والاستمرار عليه مما ينافي الحكمة ، والتأسي في مثل هذا الفعل يقتضي الفضيلة والأفضلية معا ، بخلاف ما إذا كانت العبادة المأتي بها غير مانعة عما يضادها في الجملة ، بحيث يمكن الإتيان بهذه تارة وبمضادها أخرى ، كما في أكثر الطاعات والعبادات ، فان صدورها عن الحكيم لا يقتضي إيثارها ولا كونها أفضل من غيرها ، لإمكان صدورها وصدورها وصدور مضادها عنه في زمانين ، فلا يكون صدورها إيثارا ، فالتأسي في مثل هذه الأفعال إنما يقتضي الفضيلة دون الأفضلية ، ولما كان النكاح أمرا مستمرا يطلب دوامه ، فصدوره عنهم عليهمالسلام يدل على إيثاره على ما يضاده ، وهو التخلي ، ومقتضى التأسي فيه كونه أفضل منه على ما قررناه ، هذا.
وربما يدل على المطلوب أيضا قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم (١) ، « ما بني بناء في الإسلام أحب إلى الله تعالى ، من التزويج » وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢) « ما من شيء أحب الى الله عز وجل من بيت يعمر في الإسلام بالنكاح » فإنه بعمومه يشمل التخلي أيضا ، مضافا إلى ما ورد (٣) من الحث البليغ عليه ، وعموم قوله (٤) عليهالسلام أيضا : « ما استفاد امرء فائدة بعد الإسلام أفضل من زوجة مسلمة تسره إذا نظر إليها وتطيعه إذا أمرها وتحفظه إذا غاب عنها في نفسها وماله » وقول الباقر (٥) عليهالسلام « ما أحب أن الدنيا
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ٤.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب مقدمات النكاح الحديث ١٠.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١ و ٢ ـ من أبواب مقدمات النكاح.
(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٩ ـ من أبواب مقدمات النكاح ـ الحديث ١٠.
(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب مقدمات النكاح ـ الحديث ٤.