من الرضاع ، وليس شيء منها موجودا في أصول المرتضع وفروع أصوله النسبيين ، نعم هي متحققة في فروعه خاصة ومن هنا كان نشر الحرمة مقصورا في الثلاثة وعام للمحرم من حيث النسب ومن حيث المصاهرة ، وتحريمه في الأخيرة على حسب تحريمها في النسب ، لأنه إنما يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ، فلا بأس حينئذ للفحل أن ينكح أخت المرتضع نسبا وإن كانت هي أخت ولده ، ضرورة عدم كونها بنتا رضاعية ولا ربيبة كذلك عرفا ، والمحرم في النسب منها البنت والربيبة ، ومثلهما من الرضاع يحرم عليه ، وأما أخت الولد التي هي قدر مشترك غير موجود في الخارج في غير الفردين المذكورين اللذين قلنا بحرمة مثلهما من الرضاع ، فليس من عنوان المحرم في النسب كي يتجه تحريمه بعد فرض انحصار المحرم في الشريعة في البنت والربيبة من النسب والرضاع ، والفرض أنها ليست منهما في العرف واللغة ، ودعوى أنها بنت من الرضاعة شرعا له باعتبار ارتضاع أخيها بلبنه واضحة الفساد ، للقطع بعدم علقة عند الشارع للرضاع غير العلقة العرفية التابعة للنسبية التي أومأ إليها رب العزة بعد ذكره المحرمات من النسب بقوله تعالى (١) ( وَأُمَّهاتُكُمُ اللاّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَواتُكُمْ ) مكتفيا عن غيرهما بقياسها على أسماء المحرم في نسب أو مصاهرة من العمة والخالة فيها وحليلة الابن ومنكوحة الأب وأم الزوجة وهكذا.
وقد ظهر لك من ذلك أن قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢) : « يحرم من الرضاع » الى آخره المتفق عليه بين المسلمين ، بل الظاهر تواتره عند الفريقين من جوامع الكلم التي قد أوتيت للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومن الكلام الذي قد اختصر له اختصارا ، كما أنه قد ظهر لك عدم احتياجه الى بيان من يحرم عليه بالرضاع ضرورة صراحته في أن موضوع المحرم به هو موضوع المحرم بالنسب ، والمحرم عليه فيه محرم عليه فيه ، وبالجملة هو هو لكن مع ضم اسم الرضاع ولفظه الى اسم المحرم بدونه ، فنقول بدل تحريم الأخت من النسب تحريم الأخت من الرضاعة ، والبنت كذلك ، وهكذا في حليلة الابن ومنكوحة الأب ، والجمع بين الأختين وغير ذلك مما هو من أسماء النسب تضيف اليه لفظ
__________________
(١) سورة النساء : ٤ ـ الآية ٢٣.
(٢) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب ما يحرم بالرضاع.