لبطلان العقد الذي باعتبار استدامت ه يثبت استدامة استحقاق المهر بل كل عقد يتعقبه الفسخ والانفساخ من طرف أو طرفين يبطل تسبيبه ، ومنه الإقالة والخيار في البيع المقتضيين رد الثمن إلى المشتري والمبيع إلى البائع ، بل ذلك روح البطلان الذي هو كالصحة المستلزم حصولها في طرف ثبوتها في الطرف الآخر ، ومن هنا لم يذكر أحد في المقام وجها لثبوت المهر.
نعم عن التذكرة إن السقوط أقوى ، ولعله يؤذن باحتمال عدم السقوط ، ووجهه في المسالك بأن المهر وجب بالعقد ، والأصل يقتضي استمراره الى أن يدل دليل على خلافه ، ولا نص عليه هنا ، والرضيعة لا قصد لها ، فكان فعلها بمنزلة عدمه ، فيحتمل حينئذ أن يثبت لها نصف المهر ، لأنها فرقة قبل الدخول كالطلاق ، وهو أحد وجهي الشافعية ، ويضعف بأنها قياس لا نقول به ، فإما أن يثبت الجميع لما ذكره ، أو يسقط الجميع من حيث استناده إليها ، وكيف كان فالمذهب السقوط.
قلت : لما عرفت ـ بل لعل ذلك هو ظاهر الحكم بالفساد في النصوص السابقة من غير تعقيبه بشيء ، ضرورة استلزام فساد العقد رد كل عوض الى صاحبه ، وليس هذا كالموت الذي ليس هو من فواسخ عقد النكاح ومبطلاته ، بل حاله كحال تلف المبيع في يد المشتري ، وأما الطلاق بعد الدخول فمع أنه ليس من الفواسخ بل هو إيقاع رتب عليه الشارع أضداد الصحة ـ يمكن أن يقال إنه حيث كان بعد الدخول الذي هو سبب استقرار المهر سنة (١) وكتابا (٢) لم يؤثر فسخا حينئذ إلا بالنسبة إلى البضع ، ولعله لأن معوض المهر الانتفاع بالبضع ولو آنا ، ضرورة عدم مدة معلومة له كي يوزع المهر عليها. نعم كان مقتضى ذلك عدم استحقاق شيء مع الطلاق قبل الدخول ، لكن ثبت النصف لدليل خاص ، كما هو واضح.
ومن ذلك يعلم الحال فيما لو تولت المرضعة إرضاعها مختارة وقد سمى لها مهرا وإن قيل كما عن المبسوط وجماعة : إنه كان للصغيرة
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٥٤ ـ من أبواب المهور.
(٢) سورة النساء : ٤ ـ الآية ٢٤.