نصف المهر ، لأنه فسخ حصل قبل الدخول ، ولم يسقط المهر لأنه ليس من قبل الزوجة فأشبه الطلاق حينئذ ، لكنه كما ترى لا يخرج عن القياس المحرم ومن هنا قيل بوجوب الجميع عليه ، لوجوبه بالعقد ، فيستصحب الى أن يثبت المزيل ، والتنصيف إنما ثبت بالطلاق ، إلا أنه أيضا لا يخلو من نظر ، لما عرفته سابقا من لزوم صدق انفساخ العقد وبطلانه ، وفساده لبطلان ما ترتب عليه ، بل هو معنى البطلان المقابل للصحة في المعاملة ، بل هي ظاهرة ، في مدخلية الاستدامة وإلا لم يتصور معنى للانفساخ والفساد والبطلان ، كما هو واضح بأدنى تأمل ، فان لم ينعقد إجماع كان المتجه السقوط ، كما في الأولى التي لم يكن لفعلها الذي كفعل البهائم مدخلية في السقوط ، ولو قيس بتلف الأموال كان المتجه ضمانها له مهر المثل ، لا سقوط المسمى الذي قد يوافقه وقد يخالفه.
ومن ذلك يظهر لك الحال فيمن لم يسم لها مهر ، فإنه لا ريب في كون المتجه الانفساخ وعدم ثبوت شيء لها ، ضرورة انحصار ثبوت المتعة لها بالقياس على الطلاق ، وهو محرم عندنا ، كضرورة انحصار إثبات مهر المثل لها أو نصفه بالقول بغير علم أو بما شابهه ، وعدم خلو البضع عن عوض مسلم إذا استوفي بوجه غير فاسد لا مطلقا حتى إذا لم ينتفع به بشيء ، فإن دعوى عدم خلوه في هذا الحال ممنوعة كل المنع ، فلا ريب في أن المتجه ما ذكرنا.
ومنه يعلم سقوط البحث عن الرجوع على المرضعة ، نعم يجيء البحث فيه بناء على ثبوت شيء من ذلك على الزوج ، وفيه قولان منشأهما ضمان البضع بالتفويت باعتبار كونه كالأموال ، لأنه يقابل بها في النكاح والخلع ، ولا يحتسب على المريض المهر لو نكح بمهر المثل فما دون ، وكذا المختلعة بمهر المثل.
وحينئذ ف للزوج الرجوع على المرضعة بما أداه إن كان قد قصدت الفسخ بالإرضاع ، وإلا لم تكن متعدية ، بل كانت كمن حفر بئرا في ملكه فتردى فيه مترد ، بل هي محسنة على المرضعة ، فلا سبيل عليها ، لكن في المسالك تبعا لجامع المقاصد الوجه عدم الفرق في الضمان وعدمه بذلك ، لأن إتلاف الأموال موجب