الزوج على المرضعة إلا بنصف ما يغرمه لكان أوجه من ضمانها مطلقا ».
( ومنها ) أن تتولى الكبيرة ولكن مع الحاجة بأن ينحصر الرضاع فيها وتوقف حياة الصغيرة على ذلك ، فإن في ضمانها حينئذ وجهين من كونها مأمورة بذلك شرعا ، فلا يستعقب فعلها ضمانا وكونها محسنة ، ومن تحقق الإتلاف بالمباشرة التي هي من الأسباب ، وأقصى ذلك رفع الإثم كالطبيب والبيطار ونحوهما.
( ومنها ) أن تكون الكبيرة مكرهة ، فإن الإكراه يسقط ضمان المال المحقق فضلا عن مثل هذا ، نعم يمكن دعوى الرجوع على المكره باعتبار قوة السبب على المباشر.
ولكن لا يخفى عليك ما في جميع ذلك بعد أن عرفت أن المتجه سقوط المهر ، وأن البضع ليس من الأموال ، وكان جملة من كلامهم في المقام تبعوا به ما وقع لأبي حنيفة وصاحبيه والشافعي ، والتحقيق ما عرفت إن لم يكن إجماع أو دليل خاص ، والله هو العالم.
وكيف كان فقد ظهر لك أنه مما يتفرع على الضابط السابق ما لو كان له زوجتان كبيرة ورضيعة فأرضعتها الكبيرة ضرورة أنه متى كان كذلك حرمتا أبدا إن كان من لبنه وإن لم يكن دخل بالكبيرة ، بأن كان قد أولدها شبهة ثم عقد عليها ولم يدخل ، أو كان قد دخل بها وطلقها وهي ذات لبن منه ثم بعد العدة قد عقد عليها ولم يدخل بها ، فإن الصغيرة حينئذ تكون بنته برضاعها من لبنه ، فتحرم عليه ، والكبيرة أم امرأته ، لأنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ، ولو مثل هذه المصاهرة المتحقق سببها بغير رضاع ، كما عرفت تحقيقه سابقا.
وكذا يحرمان أبدا إن كان رضاعها له بغير لبنه ، لكن إذا كان قد دخل بالكبيرة كي تكون الصغيرة ربيبة قد دخل بأمها والكبيرة أم امرأة وإلا يكن قد دخل بها حرمت الكبيرة حسب لكونها أم امرأة دون الصغيرة التي هي ربيبة لم يدخل بأمها ، نعم ينفسخ عقدها بسبب اجتماعها مع الأم في استدامة عقدي نكاحهما التي هي كالعقد عليهما ابتداء الذي لا ريب في بطلانه ، لعدم صلاحيته للتأثير فيهما شرعا وتأثيره في إحداهما دون الآخر